مقدمة منذ بدايات تكون الجنين داخل رحم أمه
منذ بدايات تكون الجنين داخل رحم أمه والقلب يدق دون توقف ورغم ما يمر على كل شخص منا من أفراح وأتراح وضغوط ومصاعب فإن القلب يعمل دون كلل أو ملل ما لم يكن يعاني من مشاكل مرضية فإن إيقاعه قد يتغير وبذلك قد يشعر الشخص المريض بنبض قلبه وفي الحالات المرضية الخطيرة قد يكون هذا الإيقاع الغريب إنذاراً لتطور خطير قد ينتهي بتوقف القلب لا سمح الله ، ولهذا السبب سوف أستعرض الموضوع منذ البداية وأتطرق لأنواع النبض المضطرب الحميد منه والسيئ وطرق تشخيصه وعلاجه.
النبض الطبيعي
هناك يبدأ النبض الطبيعي بإشارة كهربائية تصدر من مولد ومنظم كهربائي عصبي عضلي متخصص ، صغير الحجم جداً يقع في جدار الأذين الأيمن يسمى العقدة الجيبية الأذينية ، بمعدل 60-100 نبضة / إشارة كهربائية بالدقيقة . وتنتشر هذه الإشارة الكهربائية بسرعة كبيرة للأذينين مما يجعلهما ينقبضان لدفع الدم من الأذينين للبطينين ثم تنتقل تلك الإشارة الكهربائية إلى مستقبل وفي نفس الحال يعتبر مولداً احتياطياً صغير الحجم جداً يقع بين البطينين والأذينين ويسمى العقدة الأذينية البطينية التي تسمح بمرور الإشارة الكهربائية عن طريق توصيلات كهربائية تتفرع من العقدة البطينية الأذينية إلى البطينين في جزء من الثانية مما يجعلهما ينقبضان لدفع الدم من البطينين لخارج القلب والبطين الأيمن يدفع بالدم غير المؤكسد للرئتين ليتم أكسدته والبطين الأيسر يدفع بالدم المؤكسد لجميع أجزاء الجسم لتستفيد من الدم المؤكسد الذي يعود بعد أنتزاع الأوكسجين منه للجزء الأيمن من القلب وهكذا تكتمل دورة واحدة للدم .
الإيقاعات غير الطبيعية للقلب
وتحدث الاضطرابات النبضية وتغير الإيقاع القلبي نتيجة خلل في الشبكة الكهربائية أو توصيلاتها ويمكن أن تكون الاضطرابات أذينية فقط أو بطينية فقط أو تجمع بين الاثنين وقد يكون الاضطراب بسيطاً لا يمكن ملاحظته من قبل المريض وقد يكون خطيراً يجب التدخل لعلاجه لمنع حدوث ما يهدد حياة المريض حفظكم الله وحماكم .
أ – الإيقاعات الأذينية غير الطبيعية
1- التسارع الأذيني غير الجيبي المنتظم
يحدث عندما تتولد إشارات كهربائية فجأة في أي مكان في الأذينين غير العقدة الجيبية الأذينية ، تحدث على شكل نوبات تستمر ما بين بضع ثوان إلى عدة ساعات بمعدل 150-180 نبضة / إشارة كهربائية في الدقيقة وتنتقل هذه الإشارات الكهربائية إلى البطينين ، ويمكن أن يحدث هذا النوع من الاضطراب في الإيقاع عند أشخاص لا يعانون من مرض بالقلب ولكن تحدث غالباً عند معاناة الشخص المصاب باضطرابات نفسية وعاطفية ويمكن أن تحدث هذه الاضطرابات لمن يعانون من عيوب خلقية . وقد لا يشعر المريض بأعراض تذكر وقد يلاحظ تسارع منتظم بضربات القلب مع بعض الأعراض مثل الدوخة والتعب وضيق النفس وضغط بالصدر وفي هذه الأحوال يجب على المريض الذهاب بأسرع ما يمكن لأقرب إسعاف لتشخيص الحالة عن طريق التخطيط الكهربائي والفحص السريري وقياس ضغط الدم ومن ثم وضع خطة لعلاج المريض إما دوائي قد يسبقه عمل بعض الوسائل لإيقاف هذا الإسراع الأذيني فإن لم يقف أو ينخفض تم إعطاء المريض علاج دوائي وريدي وإن لم يثبت جدواه أعطى المريض صدمة كهربائية مدروسة لإرجاع نبض القلب لوضعه الطبيعي .
2- الرجفان الأذيني غير المنتظم
ويحدث هذا الاضطراب الأذيني بسبب وجود بؤر أذينية كثيرة تكون مصدراً لإرسال إشارات كهربائية فبدل من أن يكون هناك تناسق بين انقباض الأذينين والبطينين يكون هناك عدم تناسق بينهما فيكون الأذينين في حالة ارتعاش ورجفان ولا يضخ الدم إلى البطينين كما هو المعتاد وتحدث هذه الحالة عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض قلبية إما في الصمامات أو العضلة القلبية أو بسبب نقص التروية القلبية وتصلب الشرايين التاجية أو زيادة نشاط الغدة الدرقية وأمراض الرئة والتهاب بطانة القلب وغلاف القلب الخارجي ( التامور ) وقد تحدث الاضطرابات الأذينية عند بعض الأشخاص الذين يتمتعون بحالة صحية جيدة . ويكمن الخطر من هذا النوع من الاضطراب في إيقاع القلب أنه قد يسبب انخفاضاً في ضخ الدم من القلب وتجمع الدم وبقاءه داخل القلب مدة أطول خاصة الأذينين قد تتكون بسببها جلطات دموية قد تغادر القلب مع الدم وتذهب إلى أماكن حيوية وتسبب مشكلات خطيرة مثل السكتة الدماغية وانسداد الشرايين بالأطراف أو الكلى .
والأعراض التي يلاحظها المريض هو إحساس بضربات غير منتظمة وسريعة بالقلب وقد يشعر بتعب وإجهاد وضيق بالنفس وفي حالات وجود رجفان أذيني سريع جداً قد يشعر المريض بدوخة وضغط بالصدر وفي هذه الحالة يجب على المريض الإسراع بالذهاب إلى أقرب إسعاف لسرعة التشخيص عن طريق التخطيط الكهربائي والفحص السريري وقياس ضغط الدم وسرعة العلاج الذي قد يبدأ بالعلاج الدوائي الوريدي أما إذا كان الوضع حرجاً قد يضطر الطبيب لإعطاء صدمات كهربائية محسوبة لقطع الدائرة الكهربائية غير الطبيعية بالقلب وإرجاع النظم الكهربائي إلى وضعه الطبيعي أو خفض تسارع النبض البطيني إلى العدد المقبول الذي يسمح به ملء البطين بالدم وضخ كمية كافية منه للجسم والمحافظة على سريان وديناميكية الدم في الأوعية الدموية . وهذا النوع من الاضطراب يحتاج نوعاً من العلاج الدوائي الفمي الذي يزيد من معدل سيولة الدم لمنع حدوث جلطات دموية داخل القلب بسبب وجود الرجفان الأذيني ومنع حدوث السكتة الدماغية أو أي مضاعفات يمكن أن تحدث نتيجة وجود جلطات بالدم في المستقبل ولأن زيادة نسبة السيولة في الدم قد تكون خطيرة على صحة الإنسان وحياته إذا لم يتم متابعته بدقة كان من الضروري على الطبيب إفهام المريض ضرورة المتابعة الدقيقة بعيادة الدم وأخذ الجرعة بنفس الدقة الموصوفة من قبل الطبيب المعالج .
3- التسارع الأذيني الجيبي المنتظم
يحدث هذا التسارع بمعدل يزيد عن 100 نبضة في الدقيقة عند الأصحاء عند القيام بمجهود جسماني رياضي كصعود الدرج أو الجري أو المشي السريع أو عند الانفعال المفاجئ أو التوتر العصبي النفسي وقد يرتفع نبض القلب أثناء الراحة بسبب ارتفاع درجة حرارة الجسم ( الحمى ) أو بسبب هبوط وظائف القلب أو نقص التروية القلبية أو عند الأشخاص الذين يفرطون في تناول المنبهات مثل الشاي والقهوة والمشروبات الغازية والذين يدخنون والذين يتناولون المخدرات أو يتناولون بعض الأدوية كذلك قد يكون التسارع نتيجة الإفراط في نشاط الغدة الدرقية وفي حالات النزيف الشديد وفقدان كمية كبيرة من السوائل عن طريق الإسهال أو التقيوء الشديدين أو أثناء الصيف أو عند الإصابة بضربة شمس وأعراض المريض هي عبارة عن إحساسه بضربات سريعة منتظمة ( الخفقان ) وضيق في النفس في بعض الأحيان أو آلام بالصدر وشعور بالإغماء أو إحساس بالقلق والاضطراب وهذا النوع من اضطراب نظم القلب يكون تسارع ضربات القلب علامة إنذار للطبيب للبحث عن السبب وعلاجه ونادراً ما يحتاج التسارع نفسه علاج دون علاج السبب .
4- خوارج الانقباض الأذينية
وهى ضربات غير منتظمة في غالب الأحيان تأتي مبكرة قبل وقت حدوث النبضة الطبيعية ويكون مصدرها بؤرة أو بؤر في الأذينين وفيها يشعر الشخص أن قلبه توقف لفترة قصيرة جداً بعد حدوثها تتبعها ضربات طبيعية قوية منتظمة وقد يصفها البعض أنها ضربات زائدة جاءت ضمن الضربات الطبيعية ، ولا تسبب هذه الضربات عادة أي مشاكل وغالباً ما تمر مرور الكرام دون أن يلاحظها الشخص المصاب وهى حميدة في خطورتها ، وقد تحدث عقب إصابة الشخص بجلطة قلبية أو بفشل في وظيفة القلب أو بسبب وجود اضطرابات بأملاح الدم أو بسبب تناول بعض العلاجات أو نقص الأوكسجين بالدم . وفي غالب الأحيان لا نحتاج علاجاً لهذا النوع من اضطراب نظم القلب وما يجب فعله عند ملاحظتها من قبل الطبيب أثناء عمل تخطيط القلب الكهربائي أو بعد ظهور شكوى مرضية هو البحث عن الأسباب التي سببتها لعلاجها وفي أحيان نادرة نضطر اعطاء بعض العلاج الدوائي لإزالة قلق المريض واضطرابه وخوفه.
5- البطء الأذيني الجيبي المنتظم
يحدث هذا البطء بمعدل أقل من 60 نبضة في الدقيقة بسبب بطء العقدة الحبيبية الأذينية في إصدار الإشارات الكهربائية ويمكن أن نعتبر هذا البطء طبيعياً عند الرياضيين وعند الذين يمارسون الرياضة بصفة منتظمة وعند جميع الأشخاص الأصحاء أثناء النوم وقد تكون نتيجة ضعف في نشاط الغدة الدرقية أو بسبب تناول بعض العلاجات التي تبطء نبض القلب وفي بعض المرضى المصابين بجلطة قلبية حديثة قد تتأثر العقدة الحبيبية الأذينية وترسل إشارة قليلة ببطء وانتظام ، وقد يؤدي بطء نبض القلب الشديد أياً كان سببه إلى هبوط بضغط الدم الشرياني وهذا قد يعطي المريض الإحساس بالتعب والإرهاق والضعف قد يؤدي إلى نوبات إغماء ولذلك فإن واجب الطبيب المعالج اكتشاف السبب وعلاجه لمنع حدوث الهبوط الشديد في نبض القلب .
البقية في العدد القادم بأذن الله