الخشوع والطمأنينة في الصلاة
--------------------------------------------------------------------------------
الخشوع والطمأنينة في الصلاة
مقدمة:
· الخشوع هو روح الصلاة ومادة حياتها وإنسان عينها.. وهو ثمرة الإيمان وطمأنينة النفس.
· الذي لا يخشع في صلاته ربما ينصرف ولم يكتب له من صلاته إلا الشيء اليسير.
· الخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها،واشتغل بها عما عداها وآثرها على غيرها.
· ذكر الله عز وجل الخاشعين والخاشعات في صفات عباده الأخيار، وأنه أعد لهم مغفرة وأجراً عظيماً.
أهمية الخشوع والطمأنينة وفضلها
· قال صلى الله عليه وسلم : { إن الرجل لينصرف، وما كتب له إلا عُشر صلاته، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، ربُعها، ثُلثها، نُصفها } [رواه أبو داود والنسائي].
· { ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير } [رواه أحمد وأبو داود].
· قال صلى الله عليه وسلم: { أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته. قالوا يا رسول الله: وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها }.
· عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { لا ينظر الله إلى رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده }.رواه أحمد.
· قال صلى الله عليه وسلم : { تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً } [رواه مسلم].
· عن أبي هريرة رضي الله عنه: { أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله جالس فيه فرد عليه السلام، ثم قال له: ارجع فصل فإنك لم تصل. فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم علي النبي فرد عليه السلام ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي فرد عليه السلام، وقال: ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاث مرات، فقال في الثالثة: والذي بعثك بالحق يا رسول الله ما أحسن غيره فعلمني. فقال : إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم اجلس حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، وافعل ذلك في صلاتك كلها } رواه البخاري ومسلم.
· عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود }.
· وهذا نص عن النبي في أن من صلى ولم يُقم ظهره بعد الركوع والسجود كما كان، فصلاته باطلة، وهذا في صلاة الفرض، وكذا الطمأنينة أن يستقر كل عضو في موضعه.
· قال صلى الله عليه وسلم : { خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة } [رواه أبو داود والنسائي].
· قال الله تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{2} المؤمنون1-2 . أي خائفون ساكنون، والخشوع هو السكون والطمأنينة والتؤدة والوقار والتواضع، والحامل عليه هو الخوف من الله ومراقبته، والخشوع أيضاً هو قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل.
من مظاهر عدم الخشوع في الصلاة:
1- عدم الطمأنينة وتأدية الصلاة بسرعة وعجلة ونقرها كنقر الغراب.
2- العبث بالفرش أو الحصى وتقليب العين في النقوش والزخارف.
3- الالتفات في الصلاة ورفع البصر إلى السماء.
4- السهو في الصلاة وعدم التركيز فلا يدري على كم ينصرف من الركعات.
5- كثرة الهواجس والخواطر وذكر أمور الدنيا في الصلاة.
6- العبث بالساعة والنظر إليها أو إصلاح أطراف الثوب وتحريك العباءة.
7- مسابقة الإمام في الركوع والسجود.
من أحوال الخاشعين في الصلاة
· قال عمر بن الخطاب على المنبر: إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة، قيل: وكيف ذلك؟ فقال: لا يُتم خشوعها وتواضعها وإقباله على الله عز وجل.
· قال الحسن: سمعهم عامر بن عبد قيس وما يذكرون من ذكر الضيعة في الصلاة، قال: تجدونه؟ قالوا: نعم، قال: والله لئن تختلف الأسنة في جوفي أحب إليَّ أن يكون هذا في صلاتي.
· يقول أبو بكر بن عياش: رأيت حبيب بن أبي ثابت ساجداً، فلو رأيته قلت ميت، يعني من طول السجود.
· كان إبراهيم التيمي إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير.
· قال ابن وهب: رأيت الثوري في الحرم بعد المغرب، صلى، ثم سجد سجدة، فلم يرفع حتى نودي بالعشاء.
· صلى أبو عبد الله النباحي يوماً بأهل طرسوس، فصيح بالنفير، فلم يخفف الصلاة، فلما فرغوا قالوا: أنت جاسوس، قال: ولم؟ قالوا: صيح بالنفير وأنت في الصلاة فلم تخفف. قال: ما حسبت أن أحداً يكون في الصلاة فيقع في سمعه غير ما يخاطب به الله عز وجل.
· كان الإمام البخاري يصلي ذات ليلة، فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة، فلما قضى الصلاة، قال: انظروا أيش آذاني.
· عن ميمون بن حيان قال: ما رأيت مسلم بن يسار متلفتاً في صلاته قط خفيفة ولا طويلة، ولقد انهدمت ناحية المسجد ففزع أهل السوق لهدته وإنه في المسجد في صلاته فما التفت.
· عندما سُئل خلف بن أيوب: ألا يؤذيك الذباب في صلاتك فتطردها قال: لا أُعوِّد نفسي شيئاً يفسد علي صلاتي، قيل له: وكيف تصبر على ذلك؟ قال: بلغني أن الفساق يصبرون تحت سياط السلطان فيقال: فلان صبور ويفتخرون بذلك ؛ فأنا قائم بين يدي ربي أفأتحرك لذبابة؟!!.
· قال القاسم بن محمد: غدوت يوماً وكنت إذا غدوت بدأت بعائشة رضي الله عنها أسلِّم عليها، فغدوت يوماً إليها فإذا هي تصلي الضحى وهي تقرأ:{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ } [الطور:27]، وتبكي وتدعو وتردد الآية فقمت حتى مللت وهي كما هي، فلما رأيت ذلك ذهبت إلى السوق فقلت: أفرغ من حاجتي ثم أرجع، ففرغت من حاجتي ثم رجعت وهي كما هي تردد الآية وتبكي وتدعو.
· عن حاتم الأصم أنه سئل عن صلاته فقال: إذا حانت الصلاة أسبغت الوضوء وأتيت الموضع الذي أريد الصلاة فيه فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي، ثم أقوم إلى صلاتي وأجعل الكعبة بين حاجبي والصراط تحت قدمي والجنة عن يميني والنار عن شمالي وملك الموت ورائي أظنها آخر صلاتي، ثم أقوم بين الرجاء والخوف وأكبر تكبيراً بتحقيق وأقرأ قراءة بترتيل وأركع ركوعاً بتواضع وأسجد سجوداً بتخشع وأقعد على الورك الأيسر وأفرش ظهر قدمها وأنصب القدم اليمنى على الإبهام وأتبعها الإخلاص، ثم لا أدري أقبلت مني أم لا؟
· هذه وصية بكر المزني تنادي بالحرص على الصلاة وإتمامها على وجهها الصحيح إذ قال: إذا أردت أن تنفعك صلاتك، فقل: لا أصلي غيرها.
· رغم تلك العناية بالصلاة وشدة المحافظة عليها فإن عثمان بن أبي دهرش قال: ما صليت صلاة قط إلا استغفرت الله تعالى من تقصيري فيها.
الوسائل المعينة على الخشوع في الصلاة.
أولاً: أسباب لا تتعلق بالصلاة وهي:
1- توحيد الله عز وجل في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته.
2- تعظيم جناب الرب تبارك وتعالى والإخلاص له ومراقبته في السر والعلانية.
3- تجريد الاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم .
4- تقوى الله بفعل المأمورات وترك المحظورات.
5- أكل الحلال الطيب والبعد عن الحرام وتجنب الشبهات.
6- الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل بأن يرزقك الخشوع.
7- صحبة الخاشعين ومسايرتهم.
ثانياً: تتعلق بالصلاة... منها:
1-اجمع نفسك وأحضر قلبك قبل الدخول في الصلاة.
2-استشعار عظمة من ستقف أمامه وهو الله عز وجل.
3- الرجاء في الحصول على ثواب الصلاة كاملاً.
4- إحسان الوضوء وعدم الإسراف وترك الأعقاب.
5- تهيأ قبل الدخول في الصلاة قال صلى الله عليه وسلم: { لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان } [رواه مسلم]، وليكن المكان مهيأً للصلاة.
6- الحذر من التهاون في أداء الصلاة مع الجماعة والسعي لها مع الأذان.
7- لا تدع النوافل وبخاصة الرواتب كالوتر وسنة الفجر وعليك بقيام الليل.
8- تفكر في معاني الآيات والأذكار التي تقرأها وترددها.
9- لا تتعجل في صلاتك ولا تكن الصلاة أهون شيء عندك تؤديها كيفما كان.
10- التأدب في الصلاة بعدم الحركة أو الالتفات أو العبث المنهي عنه.
11- التزم بأحكام الصلاة وآدابها، واجعل نظرك في موضع سجودك... قال صلى الله عليه وسلم { صلوا كما رأيتموني أصلي }.
12- تابع الإمام فإنما جعل الإمام ليؤتم به.
13- فرغ قلبك من شواغل الدنيا... فهي كلها بما فيها من فتن وشواغل لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
14- تجنب الصلاة في الأماكن التي فيها آلات اللهو أو التصاوير أو تشويش أو أصوات ولغط.
15- صلِّ صلاة مودع فكل من نعرفهم رحلوا بعد صلاة مكتوبة وأنت لا بد منهم.
خاتمة:
· قال صلى الله عليه وسلم: { ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلا كانت كفارة من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله } [رواه مسلم].