استرداد الريـاض:
خرج الملك عبدالعزيز من الكويت وهو في الحادية والعشرين من عمره، لاسترداد الرياض في عام 1319هـ/1901م، مع نفر قليل من رجاله وآل بيته لم يتجاوز عددهم الأربعين فارساً، متجهين نحو الجنوب مروراً بحدود الأحساء، وهكذا كان جيشه من حيث العدد والعتاد صغيراً، لكنه– كما تعلمنا من سيرته– كان قائداً يعتمد على الخطة الحربية المتقنة، وعلى النظرة الثاقبة وقوة الإرادة، ولم يكن عبدالعزيز متعجلاً في خطواته، لذا اختار معه سبعة من رفاقه لاستكشاف الوضع، ومحاولة الدخول دون خسائر كبيرة في الأرواح، وحينما نجح في دخول قصر الأمير عجلان الذي كان حينها أميراً للرياض من قِبل ابن رشيد، نادى عبدالعزيز ببقية رجاله الذين كانوا ينتظرون خارج الرياض مع أخيه محمد بن عبدالرحمن.
سقط حصن مدينة الرياض في الخامس من شوال 1319/15يناير 1902، وبنى عبدالعزيز مكانه سوراً جديداً، ثم طلب عبدالعزيز النجدة من أبيه الإمام عبدالرحمن، ومن مبارك الصباح لحماية المدينة، بعث إليه مبارك الصباح مهنئاً ومباركاً، ثم وصلته النجدة التي طلبها مع أخيه سعد بن عبدالرحمن.
كانت تلك هي الانطلاقة نحو التوحيد، فقد دخل عبدالعزيز الرياض وهو يصبو لتوحيد الجزيرة العربية ببناء دولة هي امتداد للدولتين السعوديتين الأولى والثانية، فقد تأسس حكم آل سعود على مفهوم راسخ للوحدة الدينية والوحدة السياسية التي تكفل للأولى تماسكها واستمرارها، لذا كان من الطبعي أن يرنو عبدالعزيز ليس لاسترداد الرياض فحسب وإنما لاسترداد منطقة نجد بأكملها، ليسعى بعد ذلك إلى ضم بقية أجزاء الجزيرة العربية مقتفياً أثر أسلافه الذين رفعوا راية التوحيد، وفي مقدمتهم بطل التوحيد عبدالعزيز بن محمد بن سعود وسعود الكبير فاتح الجزيرة، وليتمكن فيما بعد من تأسيس دولة عربية مستقلة في وقت كان فيه الاستعمار الغربي يبسط نفوذه في العالمين العربي والإسلامي (وكانت الحركات الوطنية الكبرى تندحر أمام غزو جيوشه).