2– فترة التعبئة والدعم:
بعد استعادة الرياض، انطلق عبدالعزيز نحو تحقيق الهدف الذي يصبو إليه، فاتجه أولاً نحو الجنوب بقصد التوسع وكسب الأنصار، ولم يتجه للشمال رغم وجود أنصار لآل سعود حتى لايلفت نظر عدوه ابن رشيد، فاستولى على الخرج والحوطة والحريق والأفـــــــلاج ووادي الدواسر.
توطد سلطان عبدالعزيز فيما بين الرياض والربع الخالي جنوباً، في أقل من ستة أشهر، واتجه نحو الشمال في عام 1320هـ/1902م. في ذلك الوقت، كان عبد العزيز ابن رشيد يفاوض الأتراك في إمكان مساعدته لاستعادة مدينة الرياض، ثم عاد إلى عاصمته حائل، فقام بإعداد جيش من قبائل شمّر، وزحف نحو الرياض في ذلك العام نفسه، لذلك أرسل عبدالعزيز لوالده بالكويت طالباً قدومه، وعند وصول الإمام عبدالرحمن لمدينته بعد غياب دام أحد عشر عاماً، أصرّ بأن تكون الإمارة لابنه عبدالعزيز، يدل هذا الموقف على تقدير الأب لبطولة الابن وقوة عزمه وقدرته على المضي قدماً نحو تحقيق أهدافه،فتمت البيعة الأولى لعبدالعزيز في عام 1320هـ/1902م.
بسط عبدالعزيز سيادته منتصراً في الأجزاء الجنوبية، ثم اتجه نحو الجنوب، حيث التقى في عام 1320هـ/1902م، بابن رشيد في معركة السلمية، فانهزم ابن رشيد واستقر بحفر الباطن، وعاد عبدالعزيز للرياض، عند عودته طلب مبارك الصباح نجدته، فهب مسرعاً للكويت لعونه، ثم عاد عبدالعزيز من الكويت ومعه أسرته. ولم يسترح في الرياض عند عودته سوى ليلة واحدة وهبّ يلاحق ابن رشيد، انتهت هذه الجولات بانتصار عبد العزيز وعودته للرياض، بينما رحل ابن رشيد إلى أطراف العراق في عام 1903م طالباً دعم العثمانيين.
في عام 1322هـ/1904م، دخل عبدالعزيز مدينة عنيزة، ثم هاجم بريدة التي استسلمت وتوالى استسلام مدن القصيم الأخرى، وفي أول ربيع الثاني من العام نفسه، خاض عبدالعزيز وأهل العارض وقعة البكيرية ضد ابن رشيد والجيش العثماني، ولآل سعود تجارب سابقة مع الأتراك في عهد الدولتين الأولى والثانية ، إذ لم يعترفوا بخلافة آل عثمان، فاتخذ العثمانيون من ابن رشيد أداة لمواجهتهم ، ولما علم عبدالعزيز بقدوم الترك وابن رشيد تحرك للقائهـم،وكــان جيشه ينقسم إلى قسمين، ضل جزءٌ منهما طريقه بحلول الظلام، أما الجزء الثاني الذي يرأسه عبدالعزيزبنفسه، فقد وجد صفوفه في مواجهة شمّر والأتراك معاً، ورغم ذلك، لا نستطيع أن نقول: إن جيش عبدالعزيز قد مُـني بهزيمة تامة، ذلك لأن أهل القصيم الذين كانوا يشكلون الجزء الثاني من جيشه، قد وجدوا نفسهم خلف شمّر، فقتلوا منهم نحو 300 جندي من الجيش النظامي العثماني، وفتكوا بهم، وحملوا ما غنموه من الأسلحة الخفيفة(5).
أقبل على عبدالعزيز الدعم من كل أنحاء نجد لنصرته، فتحرك عبدالعزيز للبكيرية – مرة أخرى–، للقاء ابن رشيد ورجال الجيش العثماني، فدخلها منتصراً، وكانت لا تزال بها مؤن العثمانيين وذخائرهم.
حدثت بعد ذلك معركة الشنانة في 18 رجب 1322هـ/29 سبتمبر 1904م. التي انهزمت فيها قوات العثمانيين وابن رشيد، وفي ليلة 18 صفر 1324هـ/ 14 أبريل 1906م، التقى جيش عبد العزيز جيش ابن رشيد الذي قُتل في تلك المعركة، التي عرفت باسم معركة "روضة مهنّا".
وحينما رأت الدولة العثمانية ضعف آل رشيد، أرادت أن تحاصر عبدالعزيز بجبهات معادية تقف دون توسعه في نجد حتى تتمكن بذلك من حفظ التوازن في شبه جزيرة العرب، فدفعت شريف مكة نحو إقامة صلات مع البادية شرقي الحجاز، وقرّبت إليه بعض القبائل، كما كانت تسعى أيضاً لإيجاد خصومة بينه وبين عجيمي السعدون أمير المنتفق، وظل المتصرف التركي المقيم بالأحساء يحاول إقناع البدو بعداوته.