) – الشـورى:
تقدم مفهوم الشورى عند الملك عبد العزيز انطلاقاً من تحكيم الشريعة الإسلامية في ممارسة الحكم ليتخذ أشكالاً تتماشى مع التطور السياسي والاجتماعي الذي تشهده دولته. فكان مستشاروه– الذين كان يطلق عليهم اسم "الرَّبْع"– يجتمعون لديه ليعرض عليهم أمور الدولة ويستمع لرأيهم، ثم يتدارس معهم الأمر موضع الشورى ليعمل في النهاية بما يستقر عليه الرأي.
وبعد دخول مكة، أمر عبدالعزيز بدعوة علمائها وأعيانها و مواطنيها ليحددوا وقتاً يختارون فيه أشخاصاً يقومون بإدارة شؤونها، وطالب الناس أن يختاروا أهل الكفاءة والجدارة، ولخص عبدالعزيز فكرته أثناء مخاطبته للمجتمعين، إذ قال: "تجدون بعض الحكومات تجعل لها مجالس للاستشارة، لكن كثيراً من تلك المجالس وهمية، أكثر منها حقيقة. تُشكل ليقال:إن هناك مجالس وهيئات، ويكون العمل في يد شخص واحد، ويُنسب العمل إلى العموم،أما أنا فلا أريد لهذا المجلس أشكالاً وأوهاماً، وإنما أريد شكلاً حقيقياً يجتمع فيه رجال حقيقيون يعملون جهدهم في تحري المصلحة العامة"(15).
انعقد بعد ذلك اجتماع انتخب خلاله "المجلس الأهلي"، وصدر بيان ملكي لتكليف المجلس بالنظر في نظام المحاكم الشرعية ،والأوقاف، والأمن الداخلي، وسن لوائح البلدية، وتنظيم التجارة، و العناية بصحة العاصمة، ونشر التعليم الديني، وتعميم القراءة والكتابة فيها، وتنظيم وسائل البرق والهاتف.
وحينما صدرت في عام 1345هـ/1926م "التعليمات الأساسية للملكة الحجازية" (التي أشرنا إليها آنفاً) تكوّن بمقتضاها "مجلس الشورى" الذي كان المجلس الأهلي تمهيداً لها. وكان مجلس الشورى يتكون من ثمانية أعضاء، ويرأسه النائب العام، الأمير فيصل ابن عبد العزيز، وينوب عنه في غيابه معاونه أو أحد مستشاريه، وتوسع اختصاص هذا المجلس بحيث تعرض عليه الحكومة أعمالها في المجالات الإدارية المختلفة كميزانية دوائر الحكومة، والرخص الخاصة بالمشاريع الاقتصادية والعمرانية...
وفي عام 1347 صدر مرسوم بتكوين نظام أساس جديد للمجلس، يعطي الإدارة السنية صلاحية تحديد عدد أعضاء المجلس،كما تقرر أن يقوم الملك بتعيين نائب دائم لرئيس المجلس، الذي هو النائب العام، ويقوم المجلس بانتخاب نائب ثانٍ من بين أعضائه يحل محل النائب الأول في حال غيابه.
ثم أخذ المجلس يتقدم وفقاً لاحتياجات الدولة، فأضيف لاختصاصاته في عام 1351هـ/1932م، أمر العناية بشؤون الحج والحجاج. وفي سنة 1364هـ/1945م أضيفت لأعباء المجلس مهمة النظر في " شؤون لجنة التأديب الخاصة وأعمالها، وتمييز مقررات المجالس التأديبية في المملكة"، وذلك بعد صدور نظام عام جديد للموظفين.
وكلما زادت أعباء المجلس كلما ارتفع عدد أعضائه. فأصبح عدد أعضاء المجلس، بجانب الرئيس ونوابه الأول والثاني، ثلاثة عشر عضواً، بالإضافة للسكرتير والسكرتير المساعد.