اليوم السعودي
بحيرة المسك هاجس سكانها وإعادة النظر بمسار قطار الحرمين
تسونامي جـدة: 110 قتلى و11 ألف مفقـود
أحمد معيض - جدة
من آثار تسونامي جدة
العروس تحولت الى بحيرة في لحظات
فـيـمـا لـقـي 110 شـخـص حـتـفـهـم و11 الف مفقود فتحت النتائج الكارثية التي لحقت بمدينة جدة جراء السيول التي داهمت عروس البحر منذ يوم الاربعاء الماضي ملف ( الصرف الصحي ) الذي اصبح غصة في حلق جميع امناء جدة على مدى السنوات الماضية . وبالرغم من ان الامطار لم تنقطع عن مدينة جدة منذ ان عرف الناس مدينة جدة الا ان سيول الاربعاء كشفت هشاشة البنية التحتية لهذه المدينة التي تحولت لمدينة اشباح بعد ان كانت عروسا للبحر الاحمر . اهالي جدة والذين يصل عددهم لاربعة ملايين نسمة ما بين مواطن ومقيم لم يستغربوا حدوث الكارثة بل ان كثيرا منهم حمد الله ان جاءت العواقب عند هذا الحد مؤكدين انه في حالة دخول سيول اخرى في وقت قريب الى مدينة جدة فانها ستتحول الى اكبر مقبرة عرفها التاريخ .
ولعل ما بقي عالقا في ذهن سكان العروس هو شركة جدة للخدمات وهي احدى الشركات المنبثقة من شركة جدة القابضة والتي حصلت على الامتياز لبناء وادارة وتشغيل وصيانة شبكات المياه والصرف الصحي في جدة وبدأت شركة جدة للخدمات عام 1420 هـ بالتخطيط والدراسة للتعرف على وضع شبكة الصرف الصحي في ذلك الوقت لتقدير حجم الاستثمارات وتكاليف التشغيل المطلوبة حتى عام 2060 بالاضافة الى توسعة محطات التحلية لتخفيف النقص الحالي في مياه الشرب لتفي باحتياجات النمو السكاني. وكذلك استعانت شركة جدة للخدمات بوكالة الفضاء والطيران الأميركية «ناسا» بالتنسيق مع هيئة المساحة الجيولوجية السعودية لاجراء مسح جوي لمدينة جدة يحدد بدقة ما تختزنه شوارعها من شبكات خدماتية تتعرض يوميا للإتلاف العشوائي نتيجة عدم وجود خرائط إرشادية لمواقع الشبكات والتي من شأنها المساهمة في وضع «أطلس» يحدد كافة المعلومات اللازمة لتنفيذ أي مشاريع مستقبلية للمياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات والمباني ، إلا أن كل هذا لم يمنع من حدوث الكارثة ، ومشكلة الصرف الصحي في جدة لم تكن غائبة عن ذهن الحكومة حيث وافق المقام السامي الكريم في يوم 2 / 5 / 1425 هـ على مقترحات وزارة المياه آنذاك لحل مشكلة الصرف الصحي بمدينة جدة خلال 5 سنوات اعتبارا من نفس العام وذلك باعتماد مبلغ 7 مليارات ريال لانشاء شبكات صرف صحي رئيسة وفرعية ومحطات معالجة صرف صحي.
والان تجاوزت الفترة خمس سنوات ولم يلحظ سكان جدة أي تقدم في مشروع الصرف الصحي بل الاكثر من ذلك ان الاوضاع ازدادت سواء والدليل ماحدث منذ يوم الاربعاء وحتى اليوم .
« اليوم « فتحت ملف الصرف الصحي وتصريف مياه الامطار والسيول في جدة وتقدمها لقرائها بشكل مختصر ومفيد ويبين غياب المسئولية لدى امناء جدة على مدى سنوات بالاضافة الى مستقبل المدينة في حال استمرار هطول الامطار وتكون السيول بالاضافة الى خطورة انهيار سور بحيرة المسك والتي يؤكد الخبراء انه توجد بها تشققات وهي تنذر بكارثة خاصة ان كمية المياه التي تحملها تتجاوز ملايين من الاطنان والتي ستغمر جدة على مدى عام كامل .
بداية الكارثة
يوم الاربعاء الماضي بدأ هطول الامطار الساعة السادسة صباحا بشكل متقطع واستمر حتى الساعة الحادية عشرة صباحا وبعدها ازدادت غزارة الامطار حتى الساعة الثالثة ظهرا وبشكل منع الرؤية من مسافات قريبة حيث تكونت بحيرات صغيرة في اجزاء من اطراف مدينة جدة وفي داخلها ثم بعد ذلك تحركت السيول التي أتت من وادي قوس ووادي فاطمة إضافة إلى الأمطار التي بلغ معدلها 90ملم والذي لم يسبق أن هطل على محافظة جدة مثل هذا المعدل من الأمطار حيث تدفقت المياه بصورة كبيرة جراء السيول أدت إلى حدوث أضرار شرق مدينة جدة وجنوبها.
الميزانيات الوهمية
المتتبع لميزانية امانة جدة على مدى خمس سنوات يلاحظ ان ما خصص للصرف الصحي وتصريف مياه الامطار والسيول يصل الى عشرة مليارات ريال وهو يكفي للقضاء على هذه المشكلة نهائيا بالاضافة الى مساحة مدينة جدة ليست بالكبيرة حيث لاتتجاوز مساحتها900 كم2 .
وخلال العقد الاخير لم يتم تنفيذ سوى 30 في المائة من شبكة تصريف مياه الأمطار و المياه السطحية، في وقت تضخ فيه الدولة مبالغ كبيرة من الميزانية لصالح مشاريع الصرف الصحي في جدة .
ورغم أن هذه المساحة ليست بالمساحة الشاسعة إلا أن هناك مشكلات تتعلق بتفريغ مياه المجاري مباشرة إلى البحر في منطقتي الكورنيش الشمالي والجنوبي، فمساحة المنطقة المغطاة بشبكة الصرف الصحي لا تتجاوز 73 كم2 تقريبا. أي ما يعادل 8 في المائة فقط من مساحة مدينة جدة، وقبل سنوات تم تنفيذ شبكة كبيرة من الأنابيب في الطرقات الرئيسية، وهو مشروع لتخفيض منسوب مياه المجاري الناتجة من البيارات تحت مباني المدينة موجهة لتصب في البحر مباشرة دون أي معالجة، لتزيد من مشكلة الصرف الصحي.
ومع الوضع السيئ الحالي لشبكات تصريف المياه في جدة، والتي كشفتها الأمطار التي هطلت على مدينة جدة وتسببت في حدوث مشكلات كثيرة نتيجة تراكم المياه في الشوارع، أعلنت أمانة جدة أنها رصدت 3 مليارات ريال لاستكمال شبكة تصريف الأمطار.
وإذا ما تم أخذ نظرة سريعة عن ابرز المشروعات التي اعلن عنها ولم تنفذ للصرف الصحي سنجدها كثيرة فهناك مشروع الخطوط الرئيسية للصرف الصحي للمرحلة الخاصة بجنوبي جدة بتكلفة قدرها مليار ريال، ويمتد المشروع من القاعدة البحرية وحتى نهاية النطاق العمراني جنوبي جدة، ويبلغ حجم المبالغ التي صرفت على العقود التي وقعتها وزارة المياه والكهرباء والمتعلقة بالصرف الصحي في جدة أكثر من ستة مليارات ريال، تشمل الخطوط الرئيسية والفرعية. كما يجري حاليا تنفيذ مشاريع مياه وصرف صحي بقيمة إجمالية تقدر بـ 6.6 مليار ريال، معظمها مشاريع صرف صحي ويشمل ذلك تنفيذ شبكات صرف صحي فرعية وخطوط رئيسية وخطوط أنفاق، بالإضافة إلى عدد من محطات معالجة مياه الصرف الصحي وغير ذلك من المشروعات وقد سبق ان وعدت الشركة الوطنية للمياه بالانتهاء من شبكة الصرف الصحي خلال ثلاث إلى خمس سنوات.
بحيرة المسك
من سوء حظ اهالي جدة ان الاخطار تحيط بهم من كل جانب فمع عدم وجود تصريف صحي للامطار والسيول هناك الخطر الداهم الذي اوشك على الاستيقاظ والتحرك وهو بحيرة الصرف الصحي ( بحيرة المسك ) والتي تقع شرق جدة والخطورة تزداد عندما نعلم ان الاحياء التي تعرضت للنكبة من سيول الاربعاء الماضي لا تفصلها عن بحيرة المسك سوى مئات الامتار.
وكشفت مصادر « اليوم « ان الجهات المعنية في جدة بدأت بإخلاء سكان المنازل القريبة من (بحيرة المسك) تحسباً لأي فيضانات قد تحدث، خلال الايام القليلة القادمة جراء الامطار والسيول المتوقع حدوثها خلال اليوم وغدا” حسب تحذيرات مصلحة الارصاد وحماية البيئة”. وتزداد خطورة البحيرة بعد أحداث الأربعاء الماضي لارتفاع منسوب المياه فيها إلى 15مترا عن سطح الأرض حيث لم يتبق سوى ثلاثة امتار وتفيض البحيرة .
وتقع البحيرة المحمية بسدود ترابية على شرق الخط السريع – بمحاذاة طريق هدى الشام – الممتد من كوبري بريمان باتجاه مكة المكرمة وتبعد عن حي الصفا 17 كيلومترا. يبلغ عدد السيارات التي تفرغ حمولتها يوميا أكثر من 1400 ناقلة ما بين وايت إلى تريلا على مدار 24 ساعة يوميا، وتقدر كمية المياه الملوثة والمحتجزة بالبحيرة بنحو 19 مليون متر مكعب .
وتصل أبعاد السد الترابي القائم بالبحيرة 1300م طولا و 18م عرضا وبارتفاع 10 امتار .بالاضافة الى ان عمق المياه بالبحيرة يصل في بعض مناطق البحيرة الى أكثر من 10امتار وتمتد البحيرة على مد البصر في بطن تجمع عدة أودية بين الجبال وبطول يمتد الى أكثر من 4 كيلو مترات وعرض أكثر من 1.7 كيلو متر.
اخطاء هندسية
وكان لانفاق جدة نصيب الاسد في قتل الابرياء وذلك بعد ان تحولت احدث الانفاق التي انشأتها امانة جدة الى مقابر مائية وذلك بسبب اخطاء هندسية وقع فيها المقاولون ولم تتنبه لها الامانة الا بعد فوات الاوان وذلك يتمثل في غياب تصريف مياه الامطار التي تجمعت في انفاق جدة الجديدة ولعل ابرزها نفق طريق الملك عبدالله الذي تحول الى بحيرة ابتلعت جميع السيارات بمن فيها ولم تلفظهم الا جثثا هادمة
المهندس عبدالله الغامدي خبير في مجال تصميم الانفاق والجسور يقول انه من البديهي ان لا ينشأ أي نفق حتى يكون هناك مهندس للتأكد من جاهزية تسرب المياه وعدم تجمعها اثناء هطول الامطار فالمخاطر التي تحدث في الانفاق غالباً يتسبب فيها سوء التخطيط وغياب التخصص والمتابعة، فالأمطار تأتي مفاجئة ولا تدع وقتاً لترتيب الأوضاع لذا من المفترض أن تكون كل الأمور على ما يرام، ومن الأفضل أن تكون هناك جاهزية لمواجهة موسم السيول والأمطار التي تهطل في أشهر معلومة من السنة. واضاف ان سيول جدة كشفت لنا انه لا يوجد تصريف مياه في انفاق جدة والدليل هو غرق السيارات داخل الانفاق وبالتحديد داخل طريق الملك عبدالله بجدة ووفاة اصحابها والكل شاهد ذلك .
اسر الشهداء
يقول محمد المالكي والد سالم الذي استشهد في سيول جدة انه سيقوم هو وعدد من اقاربه بالتوجه الى المحكمة الشرعية والى ديوان المظالم لتقديم شكوى ضد امانة جدة التي تتحمل مسؤولية استشهاد ولدي ويضيف انني اؤمن بالقضاء والقدر ولكن لابد من وجود اسباب ادت الى استشهاد ابني والدليل ان احد مسؤولي امانة جدة صرح في وسائل الاعلام بان السبب الحقيقي في الكارثة هو اقفال مجرى السيول وذلك لانهم لم يتوقعوا حدوث كارثة .
وقال بالله عليكم هل هناك مسؤول في أي مكان في العالم يقول مثل هذا الكلام الا اذا كان ليست لديه مسئولية او انه لايفقه شيئا في العمل الذي انيط به.
من جانبه يقول كل من محمد المري وخالد الجريدي وعبدالرحمن الصبحي وسالم الزهراني والذين سقط لهم شهداء في سيول جدة اين ذهبت اموال الصرف الصحي والتي تقدر بمليارات الريالات أليس من الأفضل تسليم الاشراف والمراقبة العامة على مشاريع الدولة الحكومية لشركة عالمية من أوروبا أو أمريكا ولا يتم الصرف أو الترسية الا عن طريقها كما هو حاصل في مدينة دبي التي بدأت بعدنا وتخطتنا بعدة مراحل ونحن لازلنا في اسفل سلم التقدم والتنمية . وقالوا اننا نعيش في جدة منذ اكثر من 40 عاما وقد مر علينا الكثير من الامناء وكلما عين امين قال سوف انهي معاناة جدة من الصرف الصحي والامطار ولكن للاسف الشديد كلها وعود لم نر منها شيئا على الارض بل العكس كلما اتى امين تسبب لنا في مشكلة او أخر مشروع عن وقته المفترض . واشاروا الى ان السيل بلغ الزبى واننا لن نسكت هذه المرة وسنصعد الموضوع الى اعلى مستوى في الدولة حتى نأخذ بحق شهدائنا ونطالب بان يتم تعليق شهداء السيول في مدخل امانة جدة حتى يعرف المسئولون ان هناك ارواحا ازهقت بسبب تراخيهم وعدم تحملهم المسئولية وحتى تكون شاهدا على ماحدث .