تعاني استراحات ومحطات الطرق بين مختلف مدن المملكة الأمرين نتيجة إهمال عدد من المستثمرين وملاك هذه المحطات، تطويرها وتوفير جميع المتطلبات التي يحتاج إليها المسافر، حيث أصبحت في الوقت الحالي بؤرة لإيواء المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل في المملكة من الوافدين، إلى جانب وجود جملة كبيرة من المخالفات داخل كل محطة واستراحة طرق سواء على صعيد الخدمات السيئة المقدمة للمسافر أو في المرافق التابعة لكل محطة.
نادرا ما يجد المسافرون وعابرو الطريق راحتهم في استراحات الطرق، التي باتت تفتقد الكثير من المقومات التي تلبي الرغبات البسيطة للمسافر سواء كان المواطن أو حتى المقيم، هذا إلى جانب أنها تعكس وجها غير مشرف للسياح السعوديين ومواطني دول الخليج العربي وجميع مستهلكي الطرق السريعة.
ويلاحظ من خلال الرصد الميداني لعدد من محطات الطرق استياء عدد كبير من المواطنين من تفشي ظواهر كثيرة مخالفة للنظام، تبدأ بانتشار ظاهرة بيع الإطارات المستعملة على المسافرين بأسعار مبالغ فيها تصل في بعضها إلى 300 ريال، في ظل غياب الضمانات عليها، مما يجعل مستهلك هذا النوع من الإطار (وهو مجبر) عرضة لحوادث الطرق الأليمة، إضافة إلى إهمال تقديم الخدمات المناسبة لبيوت الله (المساجد) في هذه المحطات وزوارها والمرفق التابع له من دورات مياه التي تعد في أمس الحاجة للصيانة والمتابعة الدورية فيما يتعلق بالسباكة والكهرباء ونحوها، وهو ما يفسره مراقبون بحرص القائمين على هذه المحطات على الكسب المادي البحت بأي طريقة دون النظر إلى عمليات التحسين في المرافق.
كما أن لقضية التستر المخالفة للنظام في المملكة عنوانا واضحا في هذه المحطات، حيث يلاحظ أن بعض محطات الطرق تعمل بأسماء مواطنين سعوديين أجروها لعمالة أجنبية تديرها حسبما تشاء، دون الأخذ في الحسبان لمستوى الخدمات وأهميتها بالنسبة للمسافرين، فالمرافق الغذائية التابعة للمحطات سواء كانت أسواقا وتموينات أو حتى مطاعم تعرض منتجات وسلع سواء كانت لحوما أو أجبانا أو مخبوزات أو ما يستهلكه المسافر باستمرار أثناء سفره منتهية الصلاحية لا تصلح للاستهلاك الآدمي، هذا إلى جانب وجود مقيمين يعمدون إلى خلط وقود البنزين وبيعه للمسافرين بأسعار متفاوتة.
وتثار داخل أروقة المجتمع المحلي السعودي تساؤلات عدة تدور في كثير منها حول المسؤول عن الرقابة الدورية لمحطات الطرق السريعة؟، ولماذا لا تفرض عقوبات صارمة تجاه المقصرين فيها؟، إضافة إلى تقييم مستوى الخدمات التي تقدمها للمسافرين، في الوقت التي تشهد فيه المملكة حركة سياحية كبيرة وتدفقا منقطع النظير لاسيما في المواسم (رمضان، والحج، والصيف) عن طريق البر إلى المنطقة الغربية والجنوبية ومختلف مناطق المملكة.
وفي هذا السياق، أكد المهندس محمد القويحص رئيس لجنة المياه والمرافق والخدمات العامة في مجلس الشورى، أن محطات الطرق تعاني قصورا في خدماتها الأساسية، لاسيما أن أغلبها محطات تعاني سوء في الخدمات وعدم تكامل المرافق فيها، وبالتالي انعكس ذلك على الحركة السياحية الداخلية وتسبب في انزعاج العابرين على الطرقات.
ولفت القويحص إلى أن هناك خطة متعلقة بتحسين وضع محطات واستراحات الطرق أعدها مجلس الشورى قبل فترة وأقرها وبالتالي رفعها للمقام السامي، مشيرا إلى أنها الخطة تتضمن لائحة محدثة لتشغيل وصيانة وتوفير شركات متخصصة وتحويلها إلى أسلوب مؤسسي بدلا من الوضع الحالي وهو الفردي. وتطلع القويحص أن تقوم الجهات المختصة بمتابعة هذا الموضوع الذي يعكس الوجه الحضاري للمملكة، لاسيما أن تعتبر الوجه الأولى للمسافرين سواء من داخل المملكة أو خارجها.
يؤكد محمد العمران –مختص اقتصادي- أهمية إيجاد دراسات الجدوى، إلى جانب الاستفادة من التجارب الخاصة بمحطات الطرق في عدد من دول الخليج وأخذها كنموذج للعمل بها في المملكة، متوقعا أن المشكلة القائمة في تردي مستوى محطات الطرق ليست اقتصادية أو حتى مالية وإنما هي تسويقية.
وقال العمران إن المملكة تملك شبكة طرق كبيرة، وذلك يمنحها الميزة فيما يتعلق بالاستثمار الناجح فيها، مشيرا إلى أن الجميع يتفق على وجود ترد في نوع الخدمات التي تقدمها محطات واستراحات الطرق.
ويصف المواطن محمد الشنيفي وضع المحطات واستراحات الطرق على الخطوط السريعة بين مختلف مدن المملكة بالمأساوي، مبديا تذمره واستياءه من كل الخدمات الموجودة فيها رغم الإمكانات المادية الضخمة الواردة لها، مستعرضا في الوقت ذاته عددا من المشكلات التي تواجهه داخل هذه المحطات من تدني مستوى الخدمات والإهمال الملحوظ في المساجد والمتمثل في قلة النظافة وسوء حال المسجد بشكل عام، إضافة إلى دورات المياه التي تحتاج إلى مزيد من عمليات الترميم والصيانة في السباكة والكهرباء والأدوات الصحية.
فيما شدد المواطن ياسر المنصور على أهمية تركيز ملاك هذه المحطات على الجوانب الخدمية التي يستهلكها العابرون على الطرق والارتقاء بمستوى الخدمات، موجها تساؤله عن المسؤول عن مراقبة مثل هذه المحطات؟ ولماذا لا تكون هناك جولات دورية تفتيشية عن وضع استراحات الطرق؟
ويشير المنصور وهو يتحدث عن الواقع المرير الذي مر علييه في وقت سابق في إحدى استراحات الطرق، إلى أنه يعمد في معظم الأحيان لقطع مسافات طويلة دون الوقوف عند محطات واستراحات الطرق، نظرا لتدني مستواها وعدم وصولها إلى المستوى المأمول، موضحا أن ثمة عمالة وافدة تعمل على إدارة هذه الاستراحات والمحطات تحت أسماء سعوديين، الهدف الأساسي لديهم الكسب المادي سواء كان بأسلوب شرعي أو غير شرعي.
يشار إلى أن مجلس الشورى ناقش في وقت سابق، توصية تدعو إلى عدم السماح للأفراد بإدارة محطات الوقود ومراكز الخدمة على الطرق السريعة (الإقليمية) وتشغيلها وصيانتها، وإسناد ذلك إلى شركات ومؤسسات مؤهلة لذلك، مع تحديد مرجعية واحدة للمتابعة والإشراف على هذه المراكز.
عدد القراءات: 799