حكم الزواج العرفي وزواج المسيار وزواج فرند (فريند)
السؤال: يتحدث كثيرون عن أنواع من الزواج ويختلفون في الحديث عن حكمها ما بين صحيح ومبطل, وذلك مثل: الزواج العرفي .. زواج المسيار .. زواج فرند .. نرجو الإفادة عن مشروعية هذه الزيجات؟
المفتي: الشيخ/أسامة إبراهيم حافظ - من فقهاء الجماعة الإسلامية.
الإجابة: الزواج العرفي: هو زواج لم يقم أصحابه بتوثيقه لدى المختصين حفظا لحقوق الزوجين والعبرة في الصحة والبطلان فيه بتوافر أركان وشروط الزواج بغض النظر عن التوثيق، أما التوثيق فهو نظام إداري وضع لسماع الدعوى في المحاكم وحفظ الحقوق لا علاقة له بصحة أو بطلان الزواج. وأركان الزواج هي: الصيغة - الإيجاب والقبول - معرفة الزوجة - والشهود والولي.
وأكثر ما اختلف الناس فيه شرط وجود الولي وهو أكثر ما يتجاهله أصحاب الزواج السري فرارا من عدم موافقة الأهل, وقد اتفق جمهور الفقهاء على أن الولي شرط في صحة الزواج واستدلوا في ذلك بالآيات: (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ) ... خطاب للأولياء .. (وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) .. خطاب للأولياء .. (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) .. (وانكحوا الأيامى) .. (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ) ...
وهي نصوص قرآنية في ربط مسألة النكاح بالأولياء وإن كانت ليست قاطعة في الباب، أما الأحاديث فمنها: عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أّيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل وإن دخل بها فالمهر لها بما استحل منها, فإن استجاروا فالسلطان ولى من لا ولى له) رواه الترمذي وحسنه وكذا أحمد وأبو داود وابن ماجه وأبو عوانه وابن حبان والحاكم وأعلّه بالإرسال.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) قال المروزي سألت أحمد ويحيى عن هذا الحديث فقالا صحيح.
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل فان تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) رواه أبو حاتم وابن حبان في صحيحه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزوج المرأةُ المرأةَ ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها) رواه الدارقطني وقال حديث صحيح وقال ابن كثير الصحيح وقفه, وفيه من آثار الصحابة.
عن الشعبي قال ما كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشد في النكاح بغير ولي من علي رضي الله عنه .. كان يضرب فيه.
عن عكرمة قال جمعت الطريق ركبا فيهم امرأة ثيب فولت رجلا منهم أمرها فزوجها رجلا فجلد عمر بن الخطاب الناكح والمنكح ورد نكاحها, وهذا الجلد على وجه التعزير لأنه جلد الناكح والمنكح والأخير لا حد عليه.
قال ابن المنذر أنه لا يعرف أحدا من الصحابة قال بجواز نكاح المرأة بغير ولي.
هذه بعض أدلة أصحاب الرأي بعدم صحة زواج المرأة بدون ولي.
أما البعض الأخر فجوزوا للمرأة أن تعقد لنفسها وهو مذهب أبي حنيفة بينما عند المالكية جوزوا ذلك للمرأة غير الشريفة بأن توكل رجلا يزوجها ومن أدلتهم القرآنية (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ) .. (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) .. فأسند النكاح إليها (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ) ... فأسند النكاح إليهن, أما الإعضال فللزوج.
ثانيا السنة: عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها) متفق عليه.
وعن سماك بن حرب قال جاء رجل إلى علي رضي الله عنه وقال: (امرأة أنا وليها تزوجت بغير إذني .. فقال علي ينظر فيما صنعت إن كانت تزوجت من ليس بكفء جعل ذلك إليك) رواه الدارقطني، وفي الموطأ أن عائشة زوجت بنت أخيها وهو غائب.
ويضيف أصحاب هذا المذهب أن المرأة من أهل التصرف فهي في عقد النكاح كغيرها من العقود تملك التصرف فيها ما دامت عندها الأهلية.
ولأنه من وجهة نظرهم، أمر تعم به البلوى فكيف لم ينتقل لنا إلا بهذه الأدلة المحتملة أو النصوص المشكوك في صحتها وكان من الطبيعي أن ينقل إلينا متواترا تواتر تكرار الزواج وأحكامه الظاهرة, فإن تطرق الاحتمال عندنا للأصل وهو حقها في التصرف في بضعها كحقها في التصرف في سائر العقود.
هذه خلاصة أدلة الفريقين والواضح إن الأدلة عند الفريق الأول أكثر وضوحا وأرجح في دلالتها وهو والله اعلم الصحيح.
وقد سألنا شيخنا الدكتور/عمر عبد الرحمن عن فتاة يحاول أبوها أن يزوجها من أحد الفسّاق من أصدقائه هل يجوز أن تتزوج من ترتضي دينه وخلقه بنفسها قال: لا ولكن تنتقل للولي الذي يليه إن كان وليها فاسقا غير مأمون عليه .
قلنا: أرأيت إن رفض جميع أوليائها التدخل في هذا الأمر وتركوها لمصيرها قال: يزوجها أولوا الأمر من العلماء ولا تزوج نفسها.
وعليه فالزواج العرفي إن استجمع الشرائط من شهود وإشهار وموافقة الولي فإنه يكون عقدا صحيحا وإن لم يوثق أما إن فقد شيئا من هذه الشروط فالنكاح باطل وغير صحيح.
أما عن زواج المسيار: فهو زواج تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها كأن يتزوجها على ألا يزورها ألا مرة كل أسبوع أو على أن تبقى في بيت أهلها ويقوم هو بالزيارة الدورية لها, أو على أن تتنازل عن أثاثها أو ما شابه ذلك وهو زواج صحيح ما دام مستجمعا للشروط التي أشرنا إليها وقد شعرت السيدة سودة بنت زمعة أن النبي صلى اله عليه وسلم عزم على تطليقها فطلبت منه أن يبقيها زوجة له على أن تتنازل عن يومها لعائشة فقبل صلى الله عليه وسلم فكان يقسم لعائشة ومن ثم يبدأ قسم باقي نسائه ولا شك أن في هذا النوع من الزواج حلا لكثير من المشاكل وتسهيل زواج العوانس اللاتي فاتهن قطار الزواج.
والخلاصة إن عقد الزواج عقد شكلي له مواصفات وأركان فإن استجمع أركانه وأوصافه صح وإن فقد بعض الفروع الأخرى.
أما زواج فرند: فهو صيغة طرحها الشيخ/عبد المجيد الزنداني للزواج يبرم على أساسه العقد بين شاب وفتاة بموافقة الأهل على أن يتم تأخير إنشاء البيت وتأثيثه واستقرار الأسرة لحين ميسرة وذلك لإضفاء الشرعية على العلاقات التي تنشأ بين الشباب الذي تحول الظروف المادية دون إتمامها بالزواج.
والزواج بصورته هذه صحيح لا حرج فيه وهو مخرج جيد لحماية المجتمع من العلاقات غير المشروعة وما دام كلا الطرفين بنص العقد يتحمل مسئوليته الزوجية وينال كل منهما حقوقه في إطار الممكن من إمكانياتهما فلا حرج فيه ..... والله اعلم.