بر الوالدين والتحذير من العقوق
أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير[لقمان/14] فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه فرضى الله في رضى الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين
أخرج الشيخان وغيرهما من حديث عبد الله ابن عمرو ابن عاص رضي الله عنهما قال: أقبل رجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهل من والديك أحد حي قال: نعم بل كلاهما. قال: فتبتغي الأجر من الله . قال: نعم . قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما.( )
وعند الطبراني بإسناد جيد أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستشيره في الجهاد . فقال رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم ألك والدان . قال: نعم . قال النبي الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما.( )
عباد الله:
إن البر بالوالدين من آكد الحقوق وأعظم الواجبات وطاعتهما من أفضل القرب والطاعات لما لهما من فضل الكبير وإحسان عظيم، لقد رعياك أيها الولد في حال الصغر وتحملا من أجلك الشدائد والآلام وبذلا ما في وسعهما في سبيل تربيتك وإسعادك، دون أدنى تردد حملتك أمك وهناً على وهن، حملتك كرهاً ووضعتك كرها، ولا يزيدها نموك إلا ثقلا وضعفا، حتى يبلغ بها الحال أن ترى الموت مما تقاسيه من الآلام والأوجاع، فإذا خرجت إلى هذه الدنيا سليماً معافى نسيت من أجلك آلامها، وعلقت فيك بعد الله أمالها ، أمك شغلت نفسها بخدمتك ورعايتك في ليلها ونهارها طعامك درها وبيتك حجرها ومركبك يداها وصدرها، تجوع لتشبع أنت وتسهر لتنام أنت فهي بك رحيمة وعليك شفيقة، أما والدك فهو يكد ويسعى ويتحمل الأعباء والمشاق من أجل إسعادك وتهيئة حاجاتك ومتطلباتك، ينفق عليك ويرعاك ويوجهك إلى ما ينفعك و يرفعك، يسر لفرحك ويتألم لأحزانك، ويدفع عنك صنوف الأذى ويحميك بإذن الله من الضياع والردى، فهذا شيء من إحسان من إحسان الوالدين وبرهما.
فهل جزائهما إلا البر والإكرام؟ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
إن حقهما على الأولاد من البنين والبنات الإجلال والتقدير والطاعة والتوقير والتواضع لهما وحسن الأدب معهما، لين في الكلام وتلطف في الحديث وخفض للجناح، وتحقيق لرغباتهما وتلبية لحوائجهما وطاعتهما في غير المعصية ومسارعة لخدمتهما وكسب لرضاهما في كل وقت وعلى كل حال. وإن البر بالوالدين ليس بتأمين الحوائج المعيشية ومتطلبات الحياة المادية فحسب مع الإعراض عنهما والانقطاع عن زيارتهما وعدم صلتهما فهذا يفعله الإنسان مع الخادم والخادمة، بل هو مع ذلك حنان ووفاء وتودد وتلطف ومراعاة للمشاعر والعواطف وإدخال للسرور على نفوسهما والأنس إلى قلوبهما بنفس طيبة وأخلاق كريمة، من غير سآمة ولا ضجر ولا تأفف ولا ملل، دون استكثار لشيء من البر بهما والإحسان إليهما، فإنه مهما أسدي إليهما من البر والإكرام ومرنحا من الرعاية العناية فإنه قليل في حقهما لا يساوي إلا اليسير من فضلهما وإحسانهما، فازدد أيها المؤمن بهما براً وعطفا واسأل لهما التجاوز على الإساءة والتقصير، والتجيء إلى المولى سبحانه لهما الدعاء بالرحمة والغفران -( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (23) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا (24) ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا )- [الإسراء/23-25]
وروي أن رجلاً جاء إلى عمر بن خطاب رضي الله عنه فقال : إن لي أما بلغ منها الكبر وإنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري لها مطية، فهل أديت حقها قال: لا لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقائك وأنت تصنعه وتتمنى فراقها ولكنك محسن والله يثيب الكثير على القليل
وروى الإمام أحمد عن معاذ قال: أوصاني رسول صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات ومنها ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك) ( )
وروى البخاري والمسلم واللفظ له عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنها قال: أقبل رجل إلى نبي الله فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله فقال
![Sad](https://2img.net/i/fa/i/smiles/icon_sad.gif)
هل من والديك أحد حي )قال: نعم بل كلاهما . قال :فتبتغي الأجر من الله قال: نعم قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما ( )
وعن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم :أي العمل أحب إلى الله قال:الصلاة على وقتها قلت: ثم أي قال: بر الوالدين قلت: ثم أي قال: الجهاد في سبيل الله رواه البخاري ومسلم ( )
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
عباد الله:
اتقوا الله تعالى واعلموا أن من المؤلم حقا أن يفاجأ الوالدان بالعقوق والتنكر للجميل وجحود الفضل والإحسان من فلذات الأكباد، فما أقسى ذلك على نفوسهما وما أشد مرارته على قلوبهما، إن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب والمعاصي، إنه عار وشنار على صاحبه وسبب للشقاء والكدر في الدنيا والعذاب الأليم في الأخرى، عجباً لمن يعق والديه وينصرف عن رعايتهما أيكون جزاء إحسانهما الإساءة؟ وبرهما العقوق والقطيعة؟ وعطفهما القسوة؟ إن بر الوالدين واجب وإن عقوقهما من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب .
عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة العاق لوالديه والمرأة المتبرجة والديوث ، وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والمدمن على الخمر والمنان بما أعطى رواه النسائي وأحمد( )
وعن جابر رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المسلمين إياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام والله لا يجد ريحها عاق لوالديه) رواه الطبراني
إن أعظم الإساءة أن يجاهر الأبناء بعقوق الوالدين الذين كانا يتطلعان إلى البر والصلة.
عتب أمية ابن أبي الصلت على ابنه يوماً فقال له:
*غدوتك مولوداً وعُلتك يافعا تُعَل بما أجري عليك وتنهل
إذا ليلة ضاقتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا شاكياً أتململ
كأني أنا الملدوغ دونك بالذي لدغت به دوني فعيناي تُهبِل
تخاف الردى نفسي عليك وإنني لأعلم أن الموت حتم مؤجل
فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي غلظةً وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إن لم ترعى حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعل*
عباد الله:
إن عقوق الوالدين عقوبته معجلة في الدنيا قبل الآخرة وفي الحديث
أنه صلى الله عليه وسلم قال: كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلا عقوق الوالدين فإنه يعجل لصاحبه العقوبة قبل الممات) رواه الحاكم( )
وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه. قيل: من يا رسول الله قال من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة رواه مسلم في صحيحه( )
نعم: رغم أنفه من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يتخذ برهما و الإحسان إليهما طريقاً إلى الجنة يرحمه الله
وفي الأثر إن الله ليعجل هلاك العبد إذا كان عاقا ليعجل له العذاب ، وإن الله ليزيد في عمر العبد إذا كان باراً ليزيده براً وخيرا
وإن من تمام البر الترحم عليهما بعد الموت وصلة الرحم التي كانا يصلانها وكذا أهل ودهم.
فعن أبي أسيد ابن مالك ابن ربيعة السويدي قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال:يا رسول الله هل بقي من بر أبَوَي شيء أبرهما به بعد موتهما. قال: نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما رواه أبو داوود وغيره( )
عباد الله:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب/56] وأكثروا عليه من الصلاة يعظم لكم ربكم بها أجرا
فقد قال صلى الله عليه وسلم (من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا)( ) اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وارض اللهم على الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعدائك أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين
اللهم عليك باليهود والنصارى والرافضة
اللهم إنا نجعلك في أمورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم
اللهم خالف بين كلمهم واجعل بأسهم بينهم شديد يا ذا الجلال والإكرام
اللهم انصر من نصر دينك واجعلنا من أنصار دينك يا رب العالمين
اللهم انج المستضعفين من المؤمنين والمؤمنات في كل مكان يا رب العالمين
اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننا وأصلح ووفق ولاة أمورنا
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنه وقنا عذاب النار
اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار
اللهم اغفر لنا وآبائنا ولأمهاتنا ولأولادنا ولأزواجنا ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .