العلاج هو: ذكر الله والصبر وغيره
سؤال: عن رجل أصيب بداء، فذهب إلى الأطباء ولم يستفد شيئا، ثم ذهب إلى المشايخ والقراء فإذا قرأوا عليه هدأت نفسه، وبعد فترة تعود حالته إلى ما كانت عليه، ثم هو يقول: ما العلاج في ذلك؟
الجواب: العلاج يكون بأمور:
الأول: الطمأنينة إلى الخير، ومحبته.
ثانيا: الصبر على ما تلاقيه نفسك من القلق، واحتساب أن هذا من المصائب التي يبتلي الله بها العباد، ويختبرهم، أيصبر العبد أم لا؟ فإذا صبر فإن الله تعالى يثبته، قال تعالى: (إئقا ئؤقى الضابرون أخرفم بغير جعمتاب مهو (1)، هذا من حيث العموم.
أما من حيث الخصوص: فنوصيه بأمور:
أولاً: كثرة الأعمال الخيرة والصالحة، كالصلوات والعبادات، والأذكار وقراءة القرآن ونحوها.
ثانيا: ونوصيه أيضاً بحضور مجالس الذكر، ومجالس العلم، فإن فيها ما يطمئن نفسه، وبها يشغل نفسه عن تلك الأفكار.
ثالثا: ثم نوصيه بأن يشغل نفسه بأي شي- مفيد، فمثلاً يشتري الأشرطة والكتب المفيدة والتي فيها المواعظ والإرشادات والعلم النافع والأحكام والقصص والعبر، التي يشغل بها وقته وتطمئن بها نفسه.
فإذا اشتغل بذلك كله، ووطن نفسه على ذلك، وأكثر من ذكر الله، ومن قراءة القرآن، وعلاج نفسه بالأدعية الواردة في الكتاب والسنة، بعد ذلك نرجو من الله أن يخفف عنه ما يجده ( عبد الله الجبرين: الكنز الثمين، ج 1ص 210 ، 211).
حكم القراءة على خزانات المياه
سؤال: هناك بعض من يرقي بالرقى الشرعية يقومون بالقراءة لمرة واحدة والنفث على عدة أوعية وجوالين للمياه أو الزيت والبعض منهم يقرأ على خزان مياه المنزل أو ما يسمى بالوايت ويقدمه للمرضى بعد ذلك فهل هذا العمل جائز شرعا وما مدى تأثيره؟
الجواب: لا صحة لهذا العمل ولا يقرون على مثل هذا العمل، ولا تفيد هذه الرقية عادة إلا أن تكون قليلة كإناء أو اثنين يقرأ الآية ثم ينفث في هذا ثم هذا ويقرأ الآية الأخرى وينفث في هذا ثم هذا.
فأما قراءته في عدة جوالين أو أوعية فلا أظنه يفيد، وبطريق الأولى قراءته في خزان الماء أو الوايت، والغالب أن هؤلاء قصدهم كسب المال والاحتيال على تحصيله بهذه الظواهر وهو محرم عليهم، والله أعلم (فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه) .
حكم الرقية بأي أنواع الرقى ما لم تكن شركا
سؤال: هل يجوز للمسلم أن يرقي بأي نوع من الرقى؟
الجواب: تجوز الرقية بما ليس فيه شرك كسور القرآن وآياته، وكالأذكار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وتحرم بما فيه شرك كتعويذ المريض بذكر أسماء الجن والصالحين، وبما لا يفهم معناه، خشية أن يكون شركا، لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)) (أخرجه مسلم رقم (2200)، كتاب السلام ).
حكم الدعاء بأسماء الله تعالى لشفاء الأمراض
سؤال: هل يجوز للمسلم أن يدعو بأسماء الله تعالى لشفاء الأمراض؟
الجواب: يجوز ذلك لعموم قوله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (180) سورة الأعراف ولثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رقى النبي صلى الله عليه وسلم بعض الناس بقوله: أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك " ( أخرجه البخاري رقم(5675)، كتاب المرضى، ومسلم رقم (2191)، كتاب السلام )، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ( مجلة البحوث الإسلامية عدد 27، ص 63، 64، اللجنة الدائمة ).
حكم حمل آيات القرآن ووضعها في السيارة للمساعدة في النجاح
سؤال: ما حكم حمل آيات قرآنية في الجيب كالمصاحف الصغيرة بقصد الحماية من الحسد والعين أو أي شر باعتبار أنها آيات الله الكريمة، على اعتبار أن الاعتقاد في حمايتها للإنسان هو الاعتقاد الصادق بالله وكذلك وضعها في السيارة أو أي أداة أخرى لنفس الغرض؟
وكذلك السؤال الثاني الذي هذا نصه: حكم حمل الحجاب المكتوب من آيات الله بقصد الحماية من العين أو الحسد أو لأي سبب آخر من الأسباب كالمساعدة على النجاح أو الشفاء من المرض أو السحر إلى غير ذلك من الأسباب.
وكذلك السؤال الذي هذا نصه: حكم تعليق آيات قرآنية بالرقية في سلاسل ذهبية أو خلافه للوقاية من السوء.
الجواب: أنزل الله سبحانه القرآن ليتعبد الناس بتلاوته ويتدبروا معانيه فيعرفوا أحكامه ويأخذوا أنفسهم بالعمل بها وبذلك يكون لهم موعظة وذكرى تلين به قلوبهم وتقشعر منه جلودهم وشفاء لما في الصدور من الجهل والضلال، وزكاة للنفوس وطهارة لها من أدران الشرك وما ارتكبته من المعاصي والذنوب، وجعله سبحانه هدى ورحمة لمن فتح له قلبه أو ألقى السمع وهو شهيد.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } (57) سورة يونس، وقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (23) سورة الزمر، وقال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (37) سورة ق.
وجعل سبحانه القرآن معجزة لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وآية باهرة على أنه رسول عند الله إلى الناس كافة ليبلغ شريعته إليهم، ورحمة بهم، وإقامة للحجة عليهم قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [سورة العنكبوت الآيتان: 50-51]، وقال تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} (1) سورة يوسف، وقال: { تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} (1) سورة يونس، إلى غير ذلك من الآيات.
فالأصل في القرآن أنه تشريع وبيان للأحكام، وأنه آية بالغة ومعجزة باهرة حجة دامغة أيد الله بها رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ومع ذلك ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقي نفسه بالقرآن فكان يقرأ على نفسه المعوذات الثلاث: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس.
وثبت أنه أذن في الرقية بما ليس فيه شرك من القرآن والأدعية المشروعة وأقر أصحابه على الرقية بالقرآن، وأباح لهم ما أخذوا على ذلك من الأجر، فعن عوف بن مالك أنه قال: "كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا ".
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: "انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله إني لأرقي ولكنا والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جور، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال: "وما يدريك أنها رقية"، ثم قال: "قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما"، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم " .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه ب: قل هو اللة أحد والمعوذتين جميعا ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده، قالت عائشة: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به " ، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما" .
إلى غير ذلك من الأحاديث التي ثبت منها أنه رقى بالقرآن وغيره وأنه أذن في الرقية وأقرها ما لم تكن شركا، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي نزل عليه القرآن، وهو بأحكامه أعرف وبمنزلته أعلم أنه علق على نفسه أو غيره تميمة من القرآن أو غيره، أو اتخذه أو آيات منه حجابا يقيه الحسد أو غيره من الشر، أو حمله أو شيئا منه في ملابسه أو في متاعه على راحلته لينال العصمة من شر الأعداء أو الفوز والنصر عليهم أو لييسر له الطريق ويذهب عنه وعثاء السفر أو غير ذلك من جلب نفع أو دفع ضر.
فلو كان مشروعا لحرص عليه وفعله، وبلغه أمته، وبينه لهم، عملاً بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } (67) سورة المائدة، ولو فعل شيئا من ذلك أو بينه لأصحابه لنقلوه إلينا، ولعملوا به، فإنهم أحرص الأمة على البلاغ والبيان، وأحفظها للشريعة قولاً وعملاً، وأتبعها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لم يثبت شيء من ذلك عن أحد منهم؛ فدل ذلك على أن حمل المصحف أو وضعه في السيارة أو متاع البيت أو خزينة المال لمجرد دفع الحسد أو الحفظ أو غيرهما من جلب نفع أو دفع ضر لا يجوز.
وكذا اتخاذه حجابا أو كتابته أو آيات منه في سلسلة ذهبية أو فضية مثلاً ليعلق في الرقبة ونحوها لا يجوز لمخالفة ذلك لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهدي أصحابه رضوان الله عليهم ولدخوله في عموم حديث: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له... "، وفي رواية: "من تعلق تميمة فقد أشرك " ، وفي عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك " .
إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى من الرقى ما لم يكن فيه شرك فأباحه كما تقدم ولم يستثن شيئا من التمائم، فبقيت كلها على المنع، وبهذا يقول عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وجماعة من الصحابة وجماعة من التابعين منهم أصحاب عبد الله بن مسعود كإبراهيم بن يزيد النخعي.
وذهب جماعة من العلماء إلى الترخيص بتعليق تمائم من القرآن ومن أسماء الله وصفاته لقصد الحفظ ونحوه واستثنوا ذلك من حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن التمائم كمما استثنيت الرقى التي لا شرك فيها ؛ لأن القرآن كلام الله وهو صفة من صفاته ليس بشرك فلا يمنع اتخاذ التمائم منها أو عمل شيء منها أو اصطحابه أو تعليقه رجاء بركته ونفعه ونسب هذا القول إلى جماعة منهم عبد الله بن عمرو بن العاص لكنه لم تثبت روايته عنه ؛ لأن في سندها محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن.
على إنها إن ثبتت لم تدل على جواز تعليق التمائم من ذلك, لأن الذي فيها أنه كان يحفظ القرآن للأولاد الكبار ويكتبه للصغار في ألواح ويعلقها في أعناقهم والظاهر أنه فعل ذلك معهم ليكرروا قراءة ما كتب حتى يحفظوه لا أنه فعل ذلك معهم حفظاً لهم من الحسد أو غيره من أنواع الضر فليس هذا من التمائم في شيء. وقد اختار الشيخ عبد الرحمن بن حسن في كتابه فتح المجيد ما ذهب إليه عبد الله بن مسعود وأصحابه من المنع من التمائم من القرآن وغيره وقال: إنه هو الصحيح لثلاثة وجوه: الأول: عموم النهي ولا مخصص للعموم، والثاني: سد الذريعة, فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك، الثالث: أنه إذا علق فلابد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك، والله أعلم.