اتقوا الله قبل كل شيء.. وضعوا مخافته نصب أعينكم.. أحبوا الناس.. اسألوا عن أحوالهم.. وساعدوهم في أي مجال تستطيعون مساعدتهم على بلوغه».. رسالة سلطان بن عبد العزيز.. الأب الحاني لكل أبنائه من صلبه.. ليطمئن قلبه الكبير من خلالهم على بناته وأبنائه من أفراد شعبه.. الذين أحبهم من شغاف قلبه.. فبادلوه حبا بحب.. لم تمنعه حالته الصحية.. ولم تحل آلاف الأميال التي أخذته عنهم في رحلته العلاجية للخارج، بينه وبينهم.. فحملهم جميعا في قلبه ليأنس بمشاعرهم في غربة الجسد هناك..
حمل همومهم في ترحاله.. كما هو يحملها دائما في حله بينهم..
رسالة أب عظيم.. وأمير نبيل.. وولي أمر يستشعر في قلبه عظم الأمانة التي أولاه الله إياها.. يبلغها أبناءه وبناته من صلبه في كل اتصال هاتفي من هناك..
هذا ما أكدته في أول حوار صحافي لصحيفة محلية خصت به «عكاظ»، الأميرة نوف بنت سلطان بن عبد العزيز، كبرى بنات ولي العهد، من قصر والدها (العزيزية)، في مدينة الرياض.. والأميرة نوف بنت سلطان، الابنة البكر لسمو ولي العهد، وتأتي في المرتبة الأولى، من حيث العمر من بين كريمات الأمير سلطان الخمس عشرة، وهي من المهتمات بالعمل الاجتماعي، عرفت بحكمتها ورويتها، وبعد نظرها، ورجاحة عقلها..
عبرت لـ «عكاظ» عن فرحتها الغامرة وسعادتها البالغة؛ بعودة والدها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، إلى أرض الوطن بعد رحلة علاجية واستجمامية، تجاوزت العام، من الله عليه فيها بشفائه وسلامته التامة ولله الحمد..
وكشفت الأميرة نوف، في حديث هاتفي خصت به «عكاظ» أن «سمو ولي العهد كان خلال رحلته العلاجية على تواصل دائم ومستمر بأبنائه وبناته، لم ينقطع عنهم بسؤاله عن أحوالهم وتحسس شؤونهم، واحتياجاتهم».. وأضافت: «لم نشعر جميعا بغياب سيدي الوالد، بل كنا نشعر أنه بيننا، حاضر بأبوته، وعطفه، وشفقته، وإنسانيته اللامحدودة، التي تجاوزت أبناءه وبناته، لتشمل أبناء وبنات الوطن جميعا، فالأمير سلطان أب لكل سعودية وسعودي»..
ولفتت الأميرة نوف إلى أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لسمو ولي العهد، في المملكة المغربية الصيف الماضي، لم تكن مفاجئة..
وقالت: «لم نتفاجأ عندما زار عمي الملك عبدالله -أطال الله في عمره- سيدي الوالد في المغرب للاطمئنان عليه؛ ذلك أنه -يحفظه الله-، جبل على الخير وهو قريب من كل خير».. فإلى نص حوار تسكن الإنسانية والمشاعر الجياشة كل جنباته:
مشاعر وطنية
• والوطن من أقصاه إلى أقصاه، يستقبل بكل الحب الأمير سلطان العائد من رحلته العلاجية والاستجمامية، التي تجاوزت العام وتكللت بالنجاح التام ولله الحمد.. ما المشاعر التي تخالج نفس كبرى كريمات ولي العهد نوف بنت سلطان بن عبد العزيز؟
ــ مشاعري، هي مشاعر كل مواطن يحمل المحبة لسيدي ولي العهد، ذلك الإنسان الذي يعتبر أبا لكل سعودي، هذا الشعور الذي أحس به لا يختلف تماما عن شعور أية مواطنة ومواطن في هذا البلد الكريم المعطاء وحتى خارج حدود الوطن، والذي ألمسه من الناس جميعا وأشعر به -عندما يتحدثون معي هاتفيا- وما أشاهده وأسمعه عنهم أنهم يحملون الحب كل الحب لسمو ولي العهد -يحفظه الله-، وأعتقد أن مشاعري ومشاعر كل الناس يعجز اللسان عن وصفها؛ لأنها أكبر من كل وصف، وأنا لا أقول هذا بعاطفتي تجاه والدي؛ كإحدى بناته، بل هو الواقع الذي ألمسه ويلمسه غيري، وما عليكم إلا أن تتجهوا إلى الناس فهم الذين سيقولون لكم هذا.
حاضر بيننا
• كيف كان تواصل ولي العهد مع أبنائه وبناته إبان رحلته العلاجية؟
ــ لم تغير رحلة والدي العلاجية من الأمر شيئا؛ مكالماته واتصالاته وسؤاله الدائم، كما هي لم يتغير شىء، بل إنه متابع ومعايش لكل تفاصيل حياتنا اليومية دون انقطاع، وشعرنا أنه ورغم رحلته الطويلة، إلا أنه كان -يحفظه الله-، حاضرا يعيش بيننا بأبوته وعطفه وإنسانيته وصدق مشاعره ومحبته لنا، التي تجاوزتنا نحن أبناءه وبناته، إلى كل مواطنة ومواطن.
خدمة الوطن
• أعرف أنك قريبة جدا من والدك، ماذا يريد سلطان بن عبد العزيز الأمير، والإنسان، ورجل الدولة أن يكون عليه أبناؤه وبناته؟
ــ يريد لأبنائه أن يكونوا أتقياء صالحين، محبين لوطنهم ومواطنيهم، وهو يتمنى لكل ابنة وابن لهذه البلاد أن يكونوا كذلك، وأن يضطلع كل واحد منهم بدوره في خدمة هذا الكيان العظيم، الذي أرسى بناءه وأسسه الراحل الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- ويقوده اليوم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -يحفظهما الله-.
تواضع ولطف
• وبماذا كان يوصيك -يحفظه الله- في كل محادثة هاتفية؟
ــ دائما ما يؤكد ويوصينا بتقوى الله قبل كل شيء، وأن نضع مخافة الله نصب أعيننا في كل أمر، وهذه من الأمور المهمة والأساسية بالنسبة له، وهو دائما ما يحثنا على صلة الرحم، والتعامل مع كل الناس بتواضع ولطف، ومحبتهم، والسؤال عن أحوالهم، ومساعدتهم في أي مجال نستطيع أن نساعدهم على بلوغه.
زيارة أخوية
• جسد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز صورة نموذجية مثلى، لما يمكن أن تكون عليه العلاقة بين الأخ وأخيه، عندما زار سمو الأمير سلطان في أغادير؛ للاطمئنان على صحته في الصيف الماضي.. كيف تقرأين أبعاد هذه الزيارة؟
ــ لم نستغرب تلك الزيارة، ولم نفاجأ بها؛ لأن عمي الملك عبدالله ليس مجرد عم، بل هو أب لنا، يغمرنا بعطفه وأبوته ونبله، وهو بطبعه جبل على الخير، وهو قريب منه، وزيارته لوالدي الأمير سلطان ليست بكثيرة على أخ زار أخاه مطمئنا، ومتحسسا لأحواله، وهي ليست زيارة فرضتها المسؤولية، كأن يزور الملك ولي عهده، بل زيارة اقتضتها وفرضتها أواصر الأخوة والمحبة بين الرجلين، فضلا عن الإنسانية التي تتميز بها شخصية الملك عبد الله، وفي نهاية الأمر أقول إن تلك الزيارة ليست بمستغربة منه - يحفظه الله -.
ركن الخير
• عرف الأمير سلطان طيلة حياته بمحبته وإقباله وشغفه على عمل الخير والإحسان للآخرين، حتى أصبح اسم سموه والأعمال الخيرية صنوانا لا يفترقان، كيف تشكلت هذه الصفة في تكوين والدك سلطان بن عبد العزيز؟
ــ الحمد لله رب العالمين، الذي من على الأمير سلطان بأن يكون ركنا وأساسا لعمل الخير داخل الوطن وخارجه، وقد نشأت هذه الميزة في شخصه -يحفظه الله- منذ طفولته.. وولي العهد كأب عودنا على فعل الخير والبذل في سبيله، وقد اعتدنا نحن أبناءه على هذا، وأصبحنا -دون شعور- ننتهج هذا المنهج الذي حظ عليه الإسلام، وما يحثنا عليه دائما سيدي الوالد، نسأل الله أن يوفقنا للسير على هذا النهج الذي غرسه فينا سلطان الخير والعطاء.
سلطان والمرأة
• ماذا يريد ولي العهد للمرأة في بلادنا؟
ــ يريد لها كل تقدم، في ظل شريعتنا الإسلامية السمحة وديننا القويم، الذي يتيح للمرأة أن تقوم بدورها في حدود تعاليم الدين السمح لخدمة الوطن في مجالات ومسؤوليات شتى وعديدة، هذا ما يريده لها سمو ولي العهد -يحفظه الله-.
محبة الناس
• أخيرا.. ما سر محبة الناس للأمير سلطان، حتى أولئك الذين لا يعرفونه عن قرب؟
- المحبة من الله، وإذا أحب الله عبده حبب فيه كل خلقه، والأمير سلطان يحب الناس، ويتواصل معهم، ويقف مع الجميع كأب عطوف، يشفق على المساكين، ويتفاعل مع قضاياهم، ويضمد جراح المكلومين، ويفرج كربهم وينصرهم في الحق؛ ولهذا في تقديري أرى أن ما ذكرته هو ما دفع الناس لمحبة هذا الرجل العظيم بكل ما انطوت عليه شخصيته من صفات ومزايا فريدة ونادرة.