هيئة كبار العلماء
أبحاث هيئة كبار العلماء 462- 465
قرار هيئة كبار العلماء
رقم (16) وتاريخ 12/11/1393هـ
الطلاق المعلق
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فبناءً على قرار مجلس هيئة كبار العلماء رقم(14) الصادر عنها في دورتها الثالثة المنعقدة فيما بين 1/4/1393هـ و17/4/1393هـ القاضي بتأجيل دراسة موضوع الطلاق المعلق إلى الدورة الرابعة لمجلس الهيئة – فقد جرى إدراج الموضوع في جدول أعمال الهيئة الرابعة المنعقد فيما بين 29/10/1393هـ و12/11/1393هـ، وفي هذه الدورة جرى دراسة الموضوع بعد الاطلاع على البحث المقدم من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء والمعد من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وبعد دراسة الموضوع وتداول الرأي، واستعراض كلام أهل العلم في ذلك، ومناقشة ما على كل قول من إيراد، مع الأخذ في الاعتبار أنه لم يثبت نص صريح لا في كتاب الله، ولا في سنة رسوله باعتبار الطلاق المعلق طلاقاً عند الحنث وعدم اعتباره، وأن المسألة نظرية للاجتهاد فيها مجال بعد ذلك توصل المجلس بأكثريته إلى اختيار القول بوقوع الطلاق عند حصول المعلق عليه، سواء قصد من علق طلاقة على شرط المحض، أو كان قصده الحث أو المنع، أو تصديق خبر أو تكذيبه؛ لأمور أهمها ما يلي:
1- ما ورد عن الصحابة والتابعين من الآثار في ذلك، ومنه ما أخرجه البخاري في[ صحيحه] معلقاً بصيغة الجزم من أن رجلاً طلق امرأته البتة إن خرجت، فقال ابن عمر: إن خرجت فقد بانت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء. وما روى البيهقي بإسناده عن ابن مسعود في رجل قال لامرأته: إن فعلت كذا وكذا فهي طالق. فتفعله، قال: هي واحدة وهو أحق بها،وما رواه أيضاً بإسناده إلى أبي الزناد عن أبيه: أن الفقهاء السبعة من أهل المدينة كانوا يقولون:أيما رجل قال لامرأته: أنت طالق إن خرجت إلى الليل فخرجت طلقت امرأته، إلى غير ذلك من الآثار، مما يقوي بعضها بعضاً.
2- لما أجمع عليه أهل العلم إلا من شذ في إيقاع الطلاق من الهازل مع القطع بأنه لم يقصد الطلاق، وذلك استناداً إلى حديث أبي هريرة وغيره مما تلقته الأمة بالقبول من أن ثلاثاً جدهن جد، وهزلهن جد : الطلاق، والنكاح، والعتاق".فإن كلاً من الهازل والحالف بالطلاق قد عمد قلبه إلى ذكر الطلاق وإن لم يقصده، فلا وجه للتفريق بينهما بإيقاعه على الهازل به وعدم إيقاعه على الحالف به.
3- لقوله تعالى:" والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين"[النور: 7]، ووجه الاستدلال بها: أن الملاعن يقصد بهذا الشرط التصديق، ومع ذلك فهو موجب اللعنة والغضب على تقديم الكذب.
4- إن هذا التعليق وإن قصد به المنع فالطلاق مقصود به على تقدير الوقوع، ولذلك أقامه الزوج مانعاً له من وقوع الفعل، ولولا ذلك لما امتنع.
5- إن القول بوقوع الطلاق عند حصول الشرط المعلق عليه قول جماهير أهل العلم وأئمتهم، فهو قول الأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد،وهو المشهور في مذاهبهم، قال تقي الدين السبكي في رسالته [ الدرة المضيئة]: وقد نقل إجماع الأمة على ذلك أئمة لا يرتاب في قولهم، ولا يتوقف في صحة نقلهم، فمن ذلك الإمام الشافعي-رضي الله عنه- وناهيك به. وممن نقل الإجماع على هذه المسألة الإمام المجتهد أبو عبيد، وهو من أئمة الاجتهاد كالشافعي وأحمد وغيرهم، وكذلك نقله أبو ثور، وهو من الأئمة أيضاً، وكذلك نقل الإجماع على وقوع الطلاق الإمام محمد بن جرير الطبري وهو من أئمة الاجتهاد أصحاب المذاهب المتبوعة، وكذلك نقل الإجماع أبو بكر بن المنذر، ونقله أيضاً الإمام الرباني المشهور بالولاية والعلم محمد بن نصر المروزي، ونقله الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابيه: [التمهيد]و[الاستذكار] وبسط القول فيه على وجه لم يبق لقائل مقالاً، ونقل الإجماع الإمام ابن رشد في كتاب [المقدمات] له، ونقله الإمام الباجي في [ المنتقى]... إلى أن قال: وأما الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأتباعهم فلم يختلفوا في هذه المسألة، بل كلهم نصوا على وقوع الطلاق وهذا مستقر بين الأئمة، والإمام أحمد أكثرهم نصاً عليها، فإنه نص على وقوع الطلاق، ونص على أن يمين الطلاق والعتاق ليست من الأيمان التي تكفر ولا تدخلها الكفارة. أ.هـ.
وقد أجاب من يرى خلاف ذلك عما ذكره السبكي- رحمه الله- من الإجماع بأنه خاص فيما إذا قصد وقوع الطلاق بوقوع الشرط. وفي[ القواعد النورانية] لشيخ الإسلام ابن تيمية ما نصه:
قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد بن حنبل عن الرجل يقول لابنه: إن كلمتك فامرأتي طالق وعبدي حر، قال: لا يقوم هذا مقام اليمين، ويلزمه ذلك في الغضب والرضا.اهـ.
وقال أيضاً: وما وجدت أحداً من العلماء المشاهير بلغه في هذه المسألة من العلم المأثور عن الصحابة ما بلغ أحمد. فقال المروزي: قال أبو عبد الله: إذا قال: كل مملوك له حر فيعتق عليه إذا حنث؛ لأن الطلاق والعتق ليس فيهما كفارة.اهـ.
أما المشايخ: عبد الله بن حميد،وعبد العزيز بن باز، وعبد الله خياط، وعبد الرزاق عفيفي، وإبراهيم بن محمد آل الشيخ، ومحمد بن جبير، وصالح بن لحيدان- فقد اختاروا القول باعتبار الطلاق المعلق على شرط يقصد به الحث أو المنع أو تصديق خبر أو تكذيبه، ولم يقصد إيقاع الطلاق يميناً مكفرة، ولهم في ذلك وجهة نظر مرفقة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة (1) عبد الله بن محمد بن حميد
(2) عبد الرزاق عفيفي
(3) عبد العزيز بن باز
(4) محمد الحركان
(5) صالح بن غصون
(6) محمد بن جبير
(7) عبد الله خياط
(
عبد العزيز بن صالح
(9) إبراهيم بن محمد آل الشيخ
(10) عبد الله بن غديان
(11) صالح بن لحيدان
(12) محمد الأمين الشنقيطي
(13) عبد المجيد حسن
(14) سليمان العبيد
(15) راشد بن خنين
(16) عبد الله بن منيع