المحرَّمات من النساء
أسباب التحريم
أدلة التحريم
القسم الأول : المحرمات على التأبيد
القسم الثاني : المحرمات على التأجيل والتوقيت
الرضاع المحرم
لبن الفحل
تحريم بنت الزوجة التي دخل بأمها سواء كانت ربيبة أم ل
البنت لا تحرم بمجرد العقد على الأم، بخلاف الأم فإنها تحرم بمجرد العقد على البنت
الجمع بين الأختين
من كانت له أمتان فكان يطأ إحداهما فأراد أن يطأ الآخرة
من ملك أمة أو اشتراها
الوطء بالزنى هل يحرم أم لا ؟
الوطء بالزنى هل يحرم أم لا ؟
زواج الرجل بنته أوأخته أوبنت ابنه من الزنا
التحريم باللواط
تحريم حليلة الابن سواء كان من نسب أو رضاع
إذا طلق الرجل امرأة يملك رجعتها
قاعدة من تحرم الجمع بينهما
كره بعض أهل العلم الجمع بين الآتي من النساء من غير تحريم
في الجملة يجوز للرجل أن يجمع بين المرأتين إذا كان بينهما حرمة بلا نسب أونسب بلا حرمة
ما يباح من النساء
عقوبة من تزوج إحدى محارمه أو جمع بين من لا يحل له الجمع بينهن
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الإسلام دين الفطرة، ولهذا فإن كل تشريعاته وأوامره ونواهيه موافقة للفطرة السليمة "فطرة الله التي فطر الناس عليها" غير مصادمة لها، ولهذا حرم الزواج من القرابات القريبة، كالأم وإن علت، والبنت وإن سفلت، لأن الطباع السليمة تنفر من ذلك غاية النفور، وتأباه كل الإباء، ولا تألف معاشرة هؤلاء معاشرة زوجية.
كذلك فإن الإسلام حريص كل الحرص على أن تكون العلائق بين أفراد المجتمع عامة، والأسرة خاصة، يسودها الود، وتميزها المحبة، لهذا سد كل الذرائع التي يمكن أن تضعف هذه العلاقة أو تؤدي إلى قطيعتها بين أفراد الأسرة الواحدة، من أجل ذلك حرم الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها.
ومن أهل العلم من كره من غير تحريم الجمع بين بنتي العم أو الخال لذات السبب ؛ فالعلة إذاً والحكمة في نهي الرجل أن يتزوج بعض النساء أو أن يجمع بين بعضهن راجعة لهذين السببين:
1. عدم مصادمة الفطر السليمة والطباع المستقيمة.
2. الحرص على أن تسود العلاقات الطيبة والصلات الحسنة بين أفراد الأسرة الواحدة.
وبعد..
فهذا بحث عن المحرمات من النساء، عن أسباب التحريم، وأقسامه، وعن أدلته، وعلله، وعن حكم من تعاطى شيئاً من ذلك إن جهلاً أو عمداً.
والله أسأله أن يهدي جميع إخواننا المسلمين للعمل بكتابه، واتباع سنة نبيه ، وهدي أصحابه وأتباعه، وأن يجنبنا الأهواء المضلة، والبدع المذلة، والطرق المضمحلة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على من تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
فنقول وبالله التوفيق:
أسباب التحريم
1. النسب.
2. الرضاع.
3. المصاهرة.
4. الإحصان.
5. الشرك.
6. إن كانت تحته أربع نسوة.
7. اللعان.
أدلة التحريم
1. قوله تعالى: "حُرِّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيماً. والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم".1
2. وقوله :" ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ ".2
3. وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة".3
وفي رواية: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب".4
4. وعن جابر رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أوعلى خالتها".5
5. قوله صلى الله عليه وسلم لقيلان بن سلمة حين أسلم، وكان تحته عشرة نسوة: "أمسك أربعاً وفارق سائرهن".6
نوعا التحريم
المحرمات في النكاح قسمان أو نوعان هما:
1. تحريم مؤبد لا يزول أبداً، كتحريم البنت، والأم، والأخت.
2. وتحريم مؤقت مؤجل يزول بزوال السبب، كالجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها أوخالتها، فإذا طلق الأولى وانقضت عدتها أوماتت حلت له الأخت، والعمة، والخالة.
القسم الأول : المحرمات على التأبيد
أ. من النسب سبع، هن:
1. الأم وإن علت، من جهة الأب ومن جهة الأم.
2. البنت وإن سفلت.
3. الأخت شقيقة ، أو لأب أو لأم.
4. بنت الأخ، شقيقاً كان، أم لأب، أم لأم، وإن نزلت.
5. بنت الأخت ، شقيقة كانت، أم لأب، أم لأم، وإن نزلت.
6. العمة ، لأبوين، أو لأب، أو لأم.
7. الخالة لأبوين، أو لأب، أو لأم.
ب. من الرضاع سبع، وهن:
1. الأم من الرضاع.
2. البنت من الرضاع.
3. الأخت من الرضاع.
4. بنت الأخ من الرضاع.
5. بنت الأخت من الرضاع.
6. العمة من الرضاع.
7. الخالة من الرضاع.
ج. من المصاهرة ست، وهن:
1. زوجة الأب وإن علا.
2. زوجة الابن للصلب وإن سفل.
3. أم الزوجة وإن علت.
4. الربيبة ـ وهي بنت الزوجة التي دخل بها.
5. الملاعِنة.
6. المشركة، شيوعية كانت، أووثنية، أومجوسية.
القسم الثاني : المحرمات على التأجيل والتوقيت
وهن إحدى عشرة امرأة:
1. أخت الزوجة لأبوين، أولأب أولأم .
2. عمة الزوجة من نسب أورضاع، لأبوين، أولأب، أولأم.
3. خالة الزوجة من نسب أورضاع، لأبوين، أولأب، أولأم.
4. بنت أخت الزوجة من نسب أورضاع ، لأبوين ، أولأب، أولأم.
5. زوجة الغير.
6. المشركة، شيوعية، أوبوذية ، أومجوسية ، أووثنية.
7. الزوجة الخامسة لمن في عصمته أربع زوجات.
8. المطلقة التي لم تنقض عدتها، لقوله تعالى: "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله".7
9. المعتدة.
10. الزانية حتى تتوب.
توضيحات مهمة
أولاً : الرضاع المحرم
الرضاع المحرم هو:
1. الذي يكون في الصغر في الحولين.
2. ولو مصة واحدة.
وقال الشافعي: خمس رضعات. وشذت طائفة وقالت: لا تحرم إلا عشر رضعات، وشذ الليث ابن سعد حيث قال: إن رضاع الكبير يوجب التحريم.
والدليل على أن الرضاع المحرم هو الذي يكون في الصغر ، ولو مجة أو مجتين، ما خرجه البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، فكأنه تغير وجهه، كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي. فقال: انظرن ما إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة".8
قال القرطبي رحمه الله: (التحريم بالرضاع إنما يحصل إذا اتفق الإرضاع في الحولين.. ولا فرق بين قليل الرضاع وكثيره عندنا، إذا وصل إلى الأمعاء، ولو مصة واحدة، واعتبر الشافعي في الإرضاع شرطين: أحدهما خمس رضعات لحديث عائشة قالت: "كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحرِّمن، ثم نسخن بخمس معلومات، وتوفي رسول الله وهن مما يقرأ في القرآن".. وفي حديث سهلة: "أرضعيه خمس رضعات يحرم بهن"9. الشرط الثاني أن يكون في الحولين، فإن كان خارجاً عنهما لم يحرم لقوله تعالى: "حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة، وليس بعد التمام والكمال شيء، واعتبر أبو حنيفة بعد الحولين ستة أشهر، ومالك شهر واحد و نحوه.. وانفرد الليث ابن سعد من بين العلماء إلى أن رضاع الكبير يوجب التحريم، وهو قول عائشة رضي الله عنها، وروي عن أبي موسى الأشعري. وروي عنه ما يدل على رجوعه عن ذلك، وهو ما رواه أبو حصين عن أبي عطية قال: قدم رجل بامرأته من المدينة فوضعت فتورم ثديها، فجعل يمصه ويمجه، فدخل في بطنه جرعة منه، فسأل أبا موسى، فقال: بانت منك، وآت ابن مسعود فأخبره. ففعل، فأقبل بالأعرابي على أبي موسى، فقال: أرضيعاً ترى هذا الأشمط! إنما يحرم من الرضاع ما ينبت اللحم والعظم. فقال الأشعري: لا تسألوني عن شيء وهذا الحبر بين أظهركم.
إلى أن قال: لا يحرم إلا بثلاث رضعات، واحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان"، خرجه مسلم. وهو مروي عن عائشة، وابن الزبير، وبه قال أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وهو تمسك بدليل الخطاب، وهو مختلف فيه، وذهب من عدا هؤلاء من أئمة الفتوى إلى أن الرضعة الواحدة تحرم إذا تحققت كما ذكرنا، مستمسكين بأقل ما ينطلق عليه اسم الرضاع، وعضد هذا بما وجد من العمل عليه بالمدينة، وبالقياس على الصهر).10
وقال في عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير: (ثم اختلف الأئمة في عدد الرضعات المحرمة: فذهب ذاهبون إلى أنه يحرم مجرد الرضاع، لعموم هذه الآية. هذا قول مالك، ويحكى عن ابن عمر، وإليه ذهب سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والزهري. وقال آخرون: لا يحرم أقل من ثلاث رضعات).11
ثانياً : لبن الفحل
ذهب أهل العلم في تحريم لبن الفحل مذهبين:
1. الجمهور قالوا بتحريم لبن الفحل.
2. ذهبت طائفة من السلف إلى أن لبن الفحل لا يحرم، وإنما التحريم قاصر على الأم.
استدل الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة بحديث عائشة رضي الله عنها: "أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب12، فأبيت أن آذن له، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت ، فأمرني أن آذن له".13
وصورة المسألة تتضح برجل له امرأتان، أرضعت إحداهما صبياً، والأخرى صبية، فالجمهور قالوا : يحرم على الصبي تزوج الصبية، لأنها أخته من الرضاع، وقال من خالفهم: يجوز لهذا الصبي أن يتزوج هذه الصبية.
جاء في كتاب عمدة التفسير14 عن الحافظ ابن كثير: (ثم اختلفوا: هل يحرم لبن الفحل كما هو قول الجمهور الأئمة الأربعة وغيرهم؟ أو إنما يختص الرضاع بالأم، ولا ينتشر إلى ناحية الأب، كما هو قول لبعض السلف؟ على قولين).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح حديث عائشة السابق: (وفي الحديث أن لبن الفحل يحرم فتنتشر الحرمة لمن ارتضع الصغير لبنه، فلا تحل له بنت زوج المرأة التي ارتضعته من غيرها مثلاُ، وفيه خلاف قديم حكي عن ابن عمرو، وابن الزبير، ورافع بن خديج، وزينب بنت أم سلمة وغيرهم، ونقله ابن بطال عن عائشة وفيه نظر، ومن التابعين عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، والقاسم، وسالم، وسليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وأبي قلابة، وإياس بن معاوية، أخرجها ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن المنذر، وعن ابن سيرين: "نبئت أن ناساً من أهل المدينة اختلفوا فيه"، وعن زينب بنت أم سلمة أنها سألت والصحابة متوافرون، وأمهات المؤمنين فقالوا:" الرضاعة من قِبل الرجل لا تحرم شيئاً"، وقال به من الفقهاء: ربيعة الرأي، وإبراهيم بن علية، وابن بنت الشافعي، وداود وأتباعه، وأغرب عياض ومن تبعه في تخصيصهم ذلك بداود وإبراهيم مع وجود الرواية عمن ذكرنا، وحجتهم في ذلك قوله تعالى: "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم" ولم يذكر العمة ولا البنت كما ذكرهما في النسب. وأجيبوا بأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عداه، ولا سيما وقد جاءت الأحاديث الصحيحة. واحتج بعضهم من حيث النظر بأن اللبن لا ينفصل من الرجل وإنما ينفصل من المرأة فكيف تنتشر الحرمة إلى الرجل؟ والجواب أنه قياس في مقابلة النص فلا يلتفت إليه15 وأيضاً فإن سبب اللبن هو ماء الرجل والمرأة معاً، فوجب أن يكون الرضاع منهما كالجد، لما كان سبب الولـد أوجب تحريم ولد الولد به ، لتعلقه بولده، وإلى هذا أشـار ابن عباس بقوله في هذه المسألة: "اللقاح واحد"، أخرجه ابن أبي شيبة، وأيضاً فإن الوطء يدر اللبن فللفحل فيه نصيب.
وذهب الجمهور من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار كالأوزاعي في الشام، والثوري وأبي حنيفة وصاحبيه في أهل الكوفة، وابن جريج في أهل مكة ، ومالك في أهل المدينة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأتباعهم إلى أن لبن الفحل يحرم وحجتهم هذا الحديث الصحيح).16
والصواب ما ذهب إليه الأئمة الأربعة وجمهور أهل العلم، أن لبن الفحل يحرم كما يحرم لبن الأم، لهذا الحديث الصحيح الصريح، فقد خصص الآيات والأحاديث الأخر وأبطل كل قياس، إذ لا قياس مع نص صحيح صريح، والله أعلم.
ثالثاً : تحريم بنت الزوجة التي دخل بأمها سواء كانت ربيبة أم لا
قال تعالى: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن"، فالربائب جمع ربيبة وهي بنت المرأة من غيره، فهذه تحرم على زوج أمها، سواء كانت ربيبة أي تربت معه في البيت أم لا، لأن لفظ الربيبة خرج مخرج الغالب.. وهذا مذهب العامة من أهل العلم، وشذ الظاهرية وقالوا إن الربيبة لا تحرم على زوج أمها إلا إذا كانت في حجره.
ودليل العامة أن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: "قلت: يا رسول الله ، هل لك في بنت أبي سفيان؟ قال: فأفعل ماذا؟ قلت: تنكح. قال: أتحبين؟ قالت: لست لك بمخلية، وأحب من شركني فيك أختي. قال: إنها لا تحل لي. قالت: بلغني أنك تخطب. قال: ابنة أم سلمة؟ قالت: نعم. قال: لو لم تكن ربيبتي ما حلت لي، أرضعتني وإياه ثويبة. فلا تعرضن علي بناتكن وأخواتكن"، وقال الليث: حدثنا هشام: "درة بت أم سلمة"17.
والشاهد أنها لم تكن في حجره صلى الله عليه وسلم.
جاء في عمدة التفسير للحافظ ابن كثير: (فجمهور الأمة على أن الربيبة حرام، سواء كانت في حجر الرجل، أولم تكن في حجره، قالوا: وهذا الخطاب خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، كقوله تعالى: "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً".
ثم ذكر حديث أم حبيبة السابق، وقال: فجعل المناط في التحريم مجرد تزويجه أم سلمة، وحكم بالتحريم لذلك، وهذا مذهب الأئمة الأربعة، والفقهاء السبعة، وجمهور الخلف والسلف. وقد قيل بأنه لا تحرم الربيبة إلا إذا كانت في حجر الرجل، فإذا لم تكن كذلك فلا تحرم. وروى ابن أبي حاتم عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: "كانت عندي امرأة فتوفيت، وقد ولدت لي، فوجدت عليها، فلقيني علي بن أبي طالب، فقال: مالك ؟ فقلت: توفيت المرأة. فقال علي: لها ابنة؟ قلت: نعم، هي بالطائف. قال: كانت في حجرك؟ قلت: لا، هي بالطائف. قال: فانكحها. قلت: فأين قول الله "وربائبكم اللاتي في حجـوركم"؟ قال: إنها لم تكن في حجرك، إنما ذلك إذا كانت في حجرك"، وإسناده قوي ثابت إلى علي بن أبي طالب على شرط مسلم. وهو قول غريب جداً، وإلى هذا ذهب داود بن علي الظاهري وأصحابه، وحكاه أبو القاسم الرافعي عن مالك، واختاره ابن حزم، وحكى لي شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي أنه عرض هذا على الشيخ الإمام تقي الدين ابن تيمية، فاستشكله، وتوقف في ذلك).18
لله در الحافظ ابن حجر، حيث قال بعد أن ذكر بعض الأدلة التي استدل بها أهل الظاهر: (ولولا الإجماع الحادث في المسألة، وندرة المخالف لكان الأخذ به أولى، لأن التحريم جاء مشروطاً بأمرين: أن تكون في الحجر، وأن يكون الذي يريد التزوج قد دخل بالأم، فلا تحرم بوجود أحد الشرطين).19
والراجح والله أعلم أن بنت المرأة لا تحل لزوج أمها سواء كانت تربت في حجره أم لا، وسواء كانت ربيبة من زوجة أوفي ملك يمين.
قال ابن عبد البر: (لا خلاف بين العلماء أنه لا يحل لأحد أن يطأ امرأة وبنتها من ملك اليمين، لأن الله حرم ذلك في النكاح، قال: "وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم"، وملك اليمين عندهم تبع للنكاح، إلا ما روي عن ابن عمر وابن عباس، وليس على ذلك أحد من أهل الفتوى ولا من تبعهم).20
رابعاً: البنت لا تحرم بمجرد العقد على الأم، بخلاف الأم فإنها تحرم بمجرد العقد على البنت
الضمير في قوله تعالى: "من نسائكم اللاتي دخلتم بهن" يرجع إلى الربائب وليس إلى الأمهات، لأنه أقرب مذكور، ولهذا ذهب العامة من أهل العلم إلى أن البنت لا تحرم بمجرد العقد على الأم، بخلاف الأم فإنها تحرم بمجرد العقد على البنت، وقد زعم البعض أن الضمير يرجع إلى الأمهات مع الربائب.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (وقد فهم عود الضمير إلى الأمهات والربائب، فقال: لا تحرم واحدة من الأم ولا البنت بمجرد العقد على الأخرى حتى يدخل بها لقوله: "فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم"، وروى ابن جرير عن علي، في رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها، أيتزوج أمها؟ قال: هي بمنزلة الربيبة. وروي عن زيد بن ثابت قال: إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوج بأمها. وهذا القول مروي عن علي وزيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير، ومجاهد، وابن جبير، وابن عباس، وقد فيه معاوية. وذهب فيه من الشافعية أبو الحسن أحمد بن محمد الصابوني.
وجمهور العلماء على أن الربيبة لا تحرم بالعقد على الأم، بخلاف الأم فإنها تحرم بمجرد العقد. وهذا مذهب الأئمة الأربعة، والفقهاء السبعة، وجمهور الفقهاء قديماً وحديثاً، ولله الحمد والمنة. قال ابن جرير: والصواب قول من قال: الأم من المبهمات، لأن الله لم يشرط معهن الدخول، كما شرط ذلك مع أمهات الربائب، مع أن ذلك أيضاً إجماع من الحجة التي لا يجوز خلافها فيما جاءت به متفقة عليه).21
وقال القرطبي رحمه الله: (قال الطحاوي: وكل هذا من المحكم المتفق عليه22، وغير جائز نكاح واحدة منهن بإجماع، إلا أمهات النساء اللواتي لم يدخل بهن أزواجهن، فإن جمهور السلف ذهبوا إلى أن الأم تحرم بالعقد على الابنة، ولا تحرم الابنة إلا بالدخول بالأم، وبهذا قال جميع أئمة الفتوى بالأمصار. وقالت طائفة من السلف: الأم والربيبة سواء، لا تحرم منهما واحدة إلا بالدخول بالأخرى).23
خامساً : الجمع بين الأختين
يحرم الجمع بين الأختين، سواء كانتا:
1. من نسب، شقيقات، أولأب ، أولأم.
2. أومن الرضاع.
3. أومن ملك يمين.
هذا ما عليه العامة من أهل العلم، وانفرد البعض، وقال نفر من السلف بأنه يجوز الجمع بين الأختين من ملك اليمين سواء كان بزواج أو بوطء .
ودليل العامة قوله تعالى: "وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف" الآية، ولحديث أم حبيبة السابق، ولا يجوز له أن يعقد على أختها إلا إذا طلقها وانقضت عدتها أوماتت.
قال الحافظ ابن حجر: (والجمع بين الأختين في التزويج حرام بالإجماع، سواء كانت شقيقتين، أم من أب، أم من أم، وسواء النسب والرضاع، واختلف فيما إذا كانتا بملك يمين، فأجازه بعض السلف، وهو رواية عن أحمد، والجمهور وفقهاء الأمصار على المنع، ونظيره الجمع بين المرأة وعمتها أوخالتها).24
وقال القرطبي: (والأختان لفظ يعم الجميع بنكاح وبملك يمين، وأجمعت الأمة على منع جمعهما في عقد واحد من النكاح لهذه الآية، وقوله عليه السلام: "لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن"، واختلفوا في الأختين بملك اليمين، فذهب كافة العلماء إلى أنه لا يجوز الجمع بينهما بملك اليمين في الوطء، وإن كان يجوز الجمع بينهما في الملك بإجماع، وكذلك المرأة وابنتها صفقة واحدة، واختلفوا في عقد النكاح على أخت الجارية التي وطئها، فقال الأوزاعي: إذا وطئ جارية له بملك اليمين لم يجز له أن يتزوج أختها. وقال الشافعي: ملك اليمين لا يمنع نكاح الأخت. قال أبو عمر: من جعل عقد النكاح كالشراء أجازه، ومن جعله كالوطء لم يجزه. وقد أجمعوا على أنه لا يجوز العقد على أخت الزوجة، لقوله تعالى: "وأن تجمعوا بين الأختين" يعني الزوجتين بعقد النكاح.
ثم قال: وشذ أهل الظاهر فقالوا: يجوز الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء كما يجوز الجمع بينهما في الملك، واحتجوا بما روي عن عثمان في الأختين من ملك اليمين: "حرمتهما آية، وأحلتهما آية" ذكره عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن قبيصة بنت ذؤيب أن عثمان بن عفان سئل عن أختين مما ملكت اليمين، فقال: لا آمرك، ولا أنهاك، أحلتهما آية وحرمتهما آية. فخرج السائل فلقي رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال معمر: أحسبه قال علي. قال: وما سألت عنه عثمان؟ فأخبره بما سأله وبما أفتاه، فقال له: لكني أنهاك، ولو كان لي عليك سبيل ثم فعلت لجعلتك نكالاً. وذكر الطحاوي والبيهقي عن علي وابن عباس مثل قول عثمان. والآية التي أحلتهما قوله تعالى: "وأحل لكم ما وراء ذلكم"، ولم يلتفت أحد من أهل الفتوى إلى هذا القول، لأنهم فهموا من تأويل كتاب الله خلافه، ولا يجوز عليهم تحريف التأويل. وممن قال ذلك من الصحابة: عمر، وعلي، وابن مسعود، وعثمان، وابن عباس، وعمار، وابن عمر، وعائشة، وابن الزبير، وهؤلاء أهل العلم بكتاب الله، فمن خالفهم فهو متعسف في التأويل. وذكر ابن المنذر أن إسحاق بن راهويه حرم الجمع بينهما بالوطء، وأن جمهور أهل العلم كرهوا ذلك، وجعل مالكاً فيمن كرهه، ولا خلاف في جواز جمعهما في الملك، وكذلك الأم وابنتها.
قال ابن عطية: ويجيء من قول إسحاق أن يرجم الجامع بينهما بالوطء، وتستقرأ الكراهية من قول مالك: أنه إذا وطئ واحدة ثم وطئ الأخرى وقف عنهما حتى يحرم إحداهما فلم يلزمه حداً.
قال أبو عمر ـ ابن عبد البر ـ: أما قول علي: "لجعلته نكالاً"، ولم يقل لحددته حد الزنى، فلأن من تأول آية، أو سنة، ولم يطأ عند نفسه حراماً فليس بزانٍ بإجماع، وإن كان مخطئاً، إلا أن يدعي من ذلك ما لا يعذر بجهله، وقول السلف في الجمع بين الأختين بملك اليمين: "أحلتهما آية وحرمتهما آية" معلوم محفوظ ، فكيف يحد حد الزاني من فعل ما فيه مثل هذا من الشبهة القوية).25
سادساً: من كانت له أمتان فكان يطأ إحداهما فأراد أن يطأ الآخرة
لا يحل له ذلك إلا بالآتي:
1. إما أن يحرم فرج الأولى عليه.
2. وإما أن يبيع الأولى.
3. وإما أن يعتقها.
4. وإما أن يزوجها من غيره.
قال القرطبي: (واختلف العلماء إذا كان يطأ واحدة، ثم أراد أن يتطأ الأخرى، فقال علي، وابن عمر، والحسن البصري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: لا يجوز له وطء الثانية حتى يحرم فرج الأخرى بإخراجها من ملكه ببيع أوعتق، أو بأن يزوجها. قال ابن المنذر: وفيه قول ثانٍ لقتادة.. فإنه ينوي تحريم الأولى على نفسه ولا يقربها ثم يمسك عنهما حتى يستبرئ الأولى المحرمة ثم يغشى الثانية.. ومذهب مالك: إذا كان أختان عند رجل فله أن يطأ أيتهما شاء، والكف عن الأخرى موكول إلى أمانته).26
سابعاً : من ملك أمة أو اشتراها
لا يجوز له أن يطأها حتى تستبرئ بحيضة واحدة ، وإن كانت حبلى فبوضع حملها.
ثامناً: الوطء بالزنى هل يحرم أم لا ؟
قولان لأهل العلم:
1. لا يحرم كما يحرم الوطء الحلال، وهذا قول العامة من أهل العلم، وهو الراجح.
2. يحرم، وهذا مذهب طائفة من أهل العلم.
قال القرطبي رحمه الله: (واختلفوا في الوطء بالزنى هل يحرم أم لا؟ فقال أكثر أهل العلم لو أصاب رجل امرأة بزنى، لم يحرم عليه نكاحها27 بذلك، وكذلك لا تحرم عليه امرأته إذا زنى بأمها، أوبابنتها، وحسبه أن يقام عليه الحد28 ثم يدخل بامرأته. ومن زنى بامرأة ثم أراد نكاح أمها أوابنتها لم تحرما عليه بذلك. وقالت طائفة : تحرم عليه. روي هذا القول عن عمران بن حصين، وبه قال الشعبي وعطاء، والحسن، وسفيان الثوري، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وروي عن مالك، وأن الزنى يحرم الأم والابنة، وأنه بمنزلة الحلال. وهو قول أهـل العراق. والصحيح من قول مالك وأهل الحجاز أن الزنى لا حكم له لأن الله سبحانه وتعالى قـال: "وأمهات نسائكم" وليست التي زنى بها من أمهات نسائه، ولا ابنته من ربائبه، وهو قول الشافعي وأبو ثور، لأنه لما ارتفع الصداق في الزنى، ووجوب العدة، والميراث، ولحوق الولد، ووجوب الحد، ارتفع أن يحكم له بحكم النكاح الجائز. وروى الدارقطني من حديث الزهري عن عروة عن عائشة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل زنى بامرأة فأراد أن يتزوجها أو ابنتها، فقال: "لا يحرم الحرام الحلال إنما يحرم ما كان بنكاح"، ومن الحجة للقول الآخر إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن جريج وقوله: "يا غلام، من أبوك؟" قال: فلان الراعي. فهذا يدل على أن الزنى يحرم كما يحرم الوطء الحلال، فلا تحل أم المزني بها ولا بناتها لآباء الزاني ولا لأولاده، وهي رواية ابن القاسم في المدونة).29
تاسعاً : زواج الرجل بنته أوأخته أوبنت ابنه من الزنا
ذهب العامة من أهل العلم إلى أن البنت أوالأخت من الزنى لا تحل لمن زنى بأمها، وأباح ذلك الشافعي وعبد الملك بن الماجشون من المالكية رحمهما الله.
قال القرطبي: (اختلف الفقهاء في نكاح الرجل ابنته من زنى، أوأخته، أوبنت ابنه من زنى، فحرم ذلك قوم منهم ابن القاسم، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وأجاز ذلك آخرون، منهم عبد الملك بن الماجشون، وهو قول الشافعي.30
وقال: ويستدل به أيضاً ـ قول جريج: "يا غلام من أبوك" على أن المخلوقة من ماء الزنى لا تحل للزاني بأمها، وهو مشهور. قال عليه السلام: "لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها"31، ولم يفصل بين الحرام والحلال، وقال عليه السلام: "لا ينظر الله إلى من كشف قناع امرأة وابنتها"32، قال ابن خويزمنداد: ولهذا قلنا إن القبلة، وسائر وجوه الاستمتاع ينشر الحرمة. وقال عبد الملك بن الماجشون: إنها تحل، وهو الصحيح لقوله تعالى: "وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً" يعني بالنكاح الصحيح.. ووجه التمسك بالحديث على تلك المسألتين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حكى عن جريج أنه نسب ابن الزنى للزاني، وصدق الله نسبته بما خرق له من العادة في نطق الصبي بالشهادة له بذلك، وأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عن جريج في معرض المدح، وإظهار كرامته فكانت تلك النسبة صحيحة بتصديق الله تعالى، وبإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فثبتت البنوة وأحكامها. فإن قيل: فيلزم على هذا أن تجري أحكام البنوة والأبوة من التوارث والولايات وغير ذلك، وقد اتفق المسلمون على أنه لا توارث بينهما فلِمَ تصح تلك النسبة؟ فالجواب: إن ذلك موجب ما ذكرناه. وما انعقد عليه الإجماع من الأحكام استثنيناه، وبقي الباقي على أصل ذلك الدليل، والله أعلم).33
عاشراً: التحريم باللواط
اختلف أهل العلم في ذلك، هل يحرم النكاح باللواط أم لا ؟على قولين: ذهب الجمهور أبو حنيفة ومالك، والشافعي أن النكاح لا يحرم باللواط ، وذهب الثوري وأحمد أن من فجر بصبي فقد حرمت عليه أمه وأخته.
وقال الأوزاعي: إذا لاط بغلام، وولد للمفجور به بنت، لم يجز للفاجر أن يتزوجها لأنها بنت من قد دخل به وهو قول أحمد بن حنبل.
والصواب ما ذهب إليه الجمهور من أن النكاح لا يحرم باللواط لأنه شذوذ وهو ضد الفطرة السليمة .
أحد عشر: تحريم حليلة الابن سواء كان من نسب أو رضاع
يحرم على الرجل حليلة ابنه سواء كان من نسب أورضاع، أما من تبنٍ فلا، لقوله عز وجل: "وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" الحديث.
الثاني عشر: إذا طلق الرجل امرأة يملك رجعتها
أجمع العلماء على أن ليس له أن ينكح أختها، أورابعة، أويجمع بينها وبين عمتها، أوخالتها، إلا بعد انقضاء عدتها.
أما من طلق من لا يملك رجعتها فاختلف فيه، قيل ينتظرها حتى تنقضي عدتها، وقيل لا يلزمه ذلك.
فمن قال لا ينكح حتى تنقضي عدتها منهم علي، وزيد، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح، والنخعي، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وأصحاب الرأي.
ومن قال له أن ينكح زيد بن ثابت وعطاء في رواية عنهما، وسعيد بن المسيب، والحسن، والقاسم، وعروة بن الزبير، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد، قال ابن المنذر: ولا أحسبه إلا قول مالك وبه أقول.34
وهو الراجح، لأنه لا يملك عليها عدة، فما فائدة الانتظار؟!
الثالث عشر : قاعدة من تحرم الجمع بينهما
قال الشعبي: كل امرأتين إذا جعلت موضع إحداهما ذكراً لم يجز له أن يتزوج الأخرى فالجمع بينهما باطل. قيل له: عمن هذا؟ قال: عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال سفيان الثوري: تفسيره عندنا أن يكون من النسب، ولا يكون بمنزلة امرأة وابنة زوجها يجمع بينهما إن شاء.
قال أبو عمر ـ ابن عبد البر: وهذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، والأوزاعي، وسائر فقهاء الأمصار من أهل الحديث وغيرهم فيما علمت، لا يختلفون في هذا الأصل.35
الرابع عشر : كره بعض أهل العلم الجمع بين الآتي من النساء من غير تحريم
وهن:
1. الجمع بين ابنة رجل وامرأته.
2. الجمع بين بنتي العم.
3. الجمع بين بنتي الخال.
4. الجمع بين ابنة عمه وابنة خاله.
5. الجمع بين المرأة وقريبتها.
قال القرطبي: (وقد كره قوم من السلف أن يجمع الرجل بين ابنة رجل وامرأته، من أجل أن أحدهما لو كان ذكراً لم يحل له نكاح الأخرى. والذي عليه العلماء أنه لا بأس بذلك، وأن المراعى النسب دون غيره من المصاهرة، ثم ورد في بعض الأخبار التنبيه على العلة في منع الجمع بين من ذكر، وذلك ما يفضي إليه الجمع من الغيرة. فروى ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج الرجل المرأة على العمة أو على الخالة. وقال: "إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم"، ذكره أبو علي الأصيلي في فوائده وابن عبد البر وغيرهما. ومن مراسيل أبي داود عن حسين بن طلحة قال :" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على أخواتها وقريبتها ، وسواء كانت بنت عم، أوبنت عمة، أوبنت خال أو بنت خالة"، روى ذلك عن إسحاق بن طلحة وعكرمة، وقتادة، وعطاء، في رواية ابن أبي نجيح، وروى عنه ابن جريج أنه لا بأس بذلك، وهو الصحيح، وقد نكح حسن بن حسين ابن علي في ليلة واحدة ابنة محمد بن علي وابنة عمر بن علي، فجمع بين ابنتي عم، ذكره عبد الرزاق. زاد ابن عيينة: فأصبح نساؤهم لا يدرين إلى أيتهما يذهبن. قد كره مالك هذا، وليس بحرام عنده.
وفي سماع ابن القاسم سئل مالك عن ابنتي العم: أيجمع بينهما؟ فقال : ما أعلمه حراماً، فقيل له: أفتكرهه؟ قال: إن ناساً ليتقونه. قال ابن القاسم: وهو حلال لا بأس به. قال ابن المنذر: لا أعلم أحداً أبطل هذا النكاح، وهما داخلتان في جملة ما أبيح بالنكاح غير خارجتين منه بكتاب ولا سنة ولا إجماع. وكذلك الجمع بين ابنتي عمه وابنتي خاله).36
لقد جمع عبد الله بن جعفر لما مات علي رضي الله عنه بين امرأة علي وابنته .
الخامس عشر : في الجملة يجوز للرجل أن يجمع بين المرأتين إذا كان بينهما حرمة بلا نسب أونسب بلا حرمة
فالأول مثل أن يجمع بين المرأة وابنة زوجها، والثاني مثل الجمع بين بنت العم والخال .
ما يباح من النساء
يباح كل من سوى من ذكرنا من المحرمات ، ويدخل في ذلك الكتابية لكن بشروط هي:
1. أن تكون ذمية.
2. أن ينوي دخولها في الإسلام.
3. أن يكون مضطراً.
4. كما تباح زوجة العم والخال، إذا طلقا أوماتا.
عقوبة من تزوج إحدى محارمه أو جمع بين من لا يحل له الجمع بينهن
من تزوج إحدى محارمه، أوجمع بين من لا يحل له الجمع بينهن، فسخ نكاحه في الحال، فإن كان جاهلاً عُلِّم، وإن كان عالماً بالتحريم يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.
خرج أهل السنن عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: رأيت خالي أبا بردة ومعه رايته، فقلت: إلى أين؟ فقال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه، فأمرني أن أضرب عنقه، وأخمس ماله".
المراجع
الاستذكار لابن عبد البر.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
عمدة التفسير للحافظ ابن كثير اختصار وتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر.
فتح الباري للحافظ ابن حجر.
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية.