إقامة دعائم النهضة:
بعد اكتمال توحيد أرجاء المملكة، وتحقيق الأمن والاستقرار– اللذين وفرا المناخ الملائم لضمان هذه الوحدة واستمرارها– اتجه الملك عبدالعزيز نحو تحقيق البناء الحضاري، كما رأينا في الأبواب السابقة من هذا الجزء. ،وليكتمل هذا البناء شرع في تنفيذ المشاريع الأساسية التي مهدت للنهضة الحديثة في البلاد،نستعرض هنا أهم هذه المشاريع.
المياه: كان العائق الأساس للتنمية، هو قلة موارد الدولة، لذا فكر الملك عبدالعزيز في دفع التنمية الاقتصادية عن طريق حل مشكلة المياه، التي هي مشكلة أساسية في بلاد تتسع الصحراء في معظم أراضيها، فاستدعى خبراء أمريكيين في المياه الجوفية، اكتشفوا مخزوناً هائلاً من المياه، ورافق تحديث مصادر المياه تحديثاً في الزراعة، وتحسين وسائلها،واستيراد المعدات اللازمة، فتمّ مد أنابيب للمياه تسمح بري المشاريع الزراعية،ولمزيد من الإنتاج الزراعي استعان الملك عبدالعزيز بخبراء ومهندسين زراعيين أمريكيين ،وضاعف عدد المشاريع الزراعية.
النفط: في عام 1938م اكتشف الخبراء الأمريكان حقولاً مهمة للنفط في المنطقة الشرقية. و"منذ ذلك الحين أصبحت البلاد تنال اهتمام القوى الكبرى"(40). حصلت شركة غولف أويل على امتياز استخراج النفط، وفي عام 1352هـ/1933م تنازلت الشركة عن امتيازها لشركة أمريكية أخرى هي ستاندارد أويل أوف كاليفورنيا، وازداد استخراج النفط أهمية، وتم بناء خط للأنابيب يمتد من المنطقة الشرقية حتى ميناء صيدا في لبنان.
وفي عام 1938م اكتشف الزيت بكميات يمكن بيعها، وكانت تلك حقبة جديدة في تقدم التنقيب عن النفط. فأنشأت خطوط الأنابيب من الحقول إلى الساحل، وازدهرت سريعاً الظهران ورأس تنورة، وفي مايو1358هـ / 1939م شحنت أول سفينة من حاملات الزيت بحضور الملك عبدالعزيز في رأس تنورة (41)، وازداد النمو في زمن ما بعد الحرب ـ ما بين عامي 1365–1369هـ/1946–1950م. وفي عام 1370هـ/1951م نجحت عملية التنقيب عن النفط في أعماق البحر، باكتشاف حقل النفط في منطقة السفانية (بين سواحل المملكة وساحل الكويت).
أدت هذه الوثبة الاقتصادية إلى انتقال المملكة من عهد الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الحديث.