قال المؤلف رحمه الله تعالى: باب أربع مَنْ كُنَّ فيه كان منافقا خالصا .
عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كانَ مُنافِقاً خالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلة مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَلَّة مِنْ نِفاقٍ حتَّى يَدَعَها: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عاهَدَ غَدَرَ، وإذا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ غير أن في حديث سفيان وإن كانت فيه خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كانَتْ فيه خَصْلَةٌ من النِّفَاق وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كَذَب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان .
--------------------------------------------------------------------------------
كما أن للإيمان علاماتٍ، فللكفر علامات، وللنفاق علامات. المنافقون في الأصل هم الذين يظهرون ويُبْطِنون الكفر، قلوبهم ممتلئة بالكفر، ولكن يقولون للمؤمنين: نحن معكم، كما قال تعالى: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ ؛ يعني رؤساءهم قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ كان المنافقون في المدينة أُناسا دخلوا في الإسلام، ولكن بعد قليل رجعوا عن الإسلام، وارْتَدُّوا عنه، ولكن أَخْفَوْا ردتهم.
لماذا؟ يقولون في أنفسهم: إننا نصطلح مع الكفار، ومع المؤمنين! فإن كان النصر للمؤمنين طلبنا منهم أن يعطونا من الغنائم، وإن كان للكافرين طلبنا منهم أن يعطونا؛ لأنا معهم! وإذا انتصر الكفار لم يعتدوا علينا ولم يقتلونا؛ لأنهم يعرفون أننا إخوانهم، وأننا على طريقتهم؛ لذلك صاروا منافقين.
النبي صلى الله عليه وسلم جعل لهم علامات، كأنه يقول: اعرفوا المنافقين بهذه العلامات.
نأخذ من هذا الحديث خمس علامات، إذا اجتمعت دل على أن هذا من المنافقين في باطن الأمر، وإذا كان فيه واحدة منها قلنا: فيك خصلة من خصال المنافقين ..
إنه يأتيك بكذا بحقك، فإنه لا يأتيك به، يُخْلِفُ وعده. من خصال المنافقين قال الله تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ يتجنب المسلم هذه الخصال حتى يَبْتَعِدَ عن خصال المنافقين.
الله أعلم، وصَلَّى الله وسلم على نبينا محمد .
أسئـلة
س: سائل يسأل ويقول: ما حكم الاستهزاء باللحية ؟
ما حكم الاستهزاء باللحية؟ الاستهزاء بشيء من أمور الدين، ومن الشريعة يُعْتَبَرُ استهزاءً بِمَنْ جاء بها. ولا شك أن هذه خصلة من خصال أهل النفاق وأهل المعاصي والعياذ بالله! - يستهزئون بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. فنقول: إنه داخل في الأدلة التي فيها النهي عن الاستهزاء، أو عقوبة المستهزئين. قال الله تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ يحذر المسلم من أن يسخر بشيء مما جاءت به الشريعة؛ ولذلك يعاقب بمثل ما عمله، كما في قوله تعالى: فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ؛ أي يسخرون من المؤمنين، فعاقبهم بقوله: سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُم .
س: سائل يسأل يقول: ما حكم الاستغاثة برحمة الله تعالى بهذا الدعاء يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث؟
ورد ذلك في حديث بمعنى أنه يسأل الله تعالى رحمته؛ أي أستغيث بك حتى ترحمني، وليس دعاءً للرحمة. لا يقول: يا رحمة الله! وإنما قال: برحمتك؛ يعني .. برحمتك أن تغيثني، وأن ترحمني. نداء الصفة لا يجوز، لا يجوز أن تقول: يا .. ..! أو يا رحمة الله! بل تنادي الله تعالى بأسمائه، وتسأله بأسمائه وبصفاته.
س: يقول السؤال: من يترك صلاة الجماعة .. المعاصي هل .. أو هل يُتْرَكُ في الله ويهجر في الله ؟
لا شك أن الذي يترك الصلوات ويفعل كثيرًا من المعاصي، علينا أولا- أن ننصحه إذا عرفناه، وأن نُحَذِّرَهُ من الكفر، أو من مقدمات الكفر. وإذا أصر وعاند ولم يَتَقَبَّلْ، فلا نُحِبُّه، بل نمقته ونبغضه ونحتقره ونَحْذَرُهُ، ونُحَذِّر منه. ونحذر إخواننا المسلمين من محبة أهل المعاصي، فَإِنَّ مَنْ أحب قوما حشر معهم، المحب للمطربين يحشر معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت ؛ فلا يجوز أن يجمع بين محبتهم ومحبة أهل الخير؛ لأنه إذا أحبهم فقد أبغض أهل الخير.
س: سائل يسأل يقول: أقوم ببعض المعاصي وأتوب ولكن أرجع، وأحاول أن أحفظ القرآن فلا أستطيع؛ فماذا أفعل؟
لا شك أن نفسك أمَّارَةٌ بالسوء، وأن عليك أن تجاهد نفسك، فإذا تبت من المعصية فاعزم على أن تكون التوبة توبةً كاملة، لا ترجع إلى المعصية التي قد تركتها توبةً لله تعالى؛ أيا كانت تلك المعصية؛ التائب هو الذي يعزم على ترك ما تاب منه. ذكروا من شروط التوبة، أو شروط التوبة ثلاثة: الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على ألا يعود.
هذه هي التوبة الصادقة؛ فالعزم على أنه لا يعود أبدا، بل يبقى تاركا لِلْمَعْصِيَةِ بقية حياته، هذا هو الصادق. فعليك أن تسأل ربك أن يحميك وأن يعصمك عن عودك إلى المعصية، وكذلك أيضا تستعين بالطاعات، ومن جملتها حفظ القرآن، حاول أنك تحفظ ما تَيَسَّرَ من القرآن والله تعالى يعينك .
س: سائل يسأل يقول: لي زميل في العمل رافضي؛ فكيف يكون التعامل معه؟
عليك أن تبغضه، وتمقته، وتحقره عند أهل السنة حتى يعرفوا أنه حقير ذليل مهين، وأنه عدو للسنة وعدو لأهلها. وعليك قبل ذلك أن تدعوه أنت وزملاؤك إلى مذهب أهل السنة، وتبين له خطأه لما هم عليه من هذه العقيدة. وكذلك أيضا تحرصون على أن تظهروا السنة أمامه، محبة الصحابة وفضائلهم وبالأخص الخلفاء الثلاثة، والثناء عليهم. وفضائل الصحابة عموما في القرآن، وما أشبه ذلك. وكذلك مثالب مَنْ قدح فيهم، لعل ذلك يكون منبها لهم.
س: سائل يسأل يقول: ما حكم نكاح اليد مع التعليل؟
هذا الذي يسمى العادة السرية، ويُسَمَّى الاستمناء، هذا عادةٌ سيئةٌ. الاستمناء لا شك أنه داخل في الحرام، وما ذاك إلا أنه داخل في عموم ما نهى الله تعالى عنه في قوله: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ يعني وراء النكاح فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ثم فيه أيضا مضرة على الإنسان؛ وذلك لأنه قد يُسَبِّبُ فَقْدَ شَهْوَتِه، أو ضعفها عندما يتزوج، ويسبب قطع نسله. فيه مفاسد ومضار كما ذكر ذلك أهل الاختصاص.
ومع ذلك رَخَّصَ فيه بعض العلماء إذا خاف على نفسه الزنا. إذا لم يرتدع عن فعل الزنا إلا إذا استمنى بيده، فقد يكون هذا أَخَفَّ من الزنا، فبعض الشر أهون من بعض. إذا خاف أنه يقع في الزنا، أو في اللواط فعل قوم لوط ولم يرتدع ولم تَنْكَفَّ شهوته، فبعض الشر أهون من بعض. وعليه بالنكاح الحلال، عليه أن يتسبب حتى يُعِفَّ نفسه من النكاح الحلال، وعليه أن يُعِفَّ نفسه بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم من الصيام؛ فإن الصيام يكسر حدة الشهوة، سيما إذا كان صيام مع تعب ومع جوع ومع شغل شاغل، فإنه يُؤَثِّرُ في الشهوة انكسارا.
س: ما هي كتب العلم التي يبدأ بها طالب العلم المبتدئ ؟
يبدأ طالب العلم بكتاب الله تعالى، إذا تيسر له أن يحفظه. ثم يبدأ بمختصرات الكتب كالأربعين النووية في الحديث، وعمدة الحديث، وكذلك عمدة الفقه، ومختصر الْخِرَقي في الفقه الحنبلي ونحوه في المذاهب الأخرى. يبدأ أيضا في الفرائض بمنظومة الرحبي وفي النحو بالآجرومية. يبدأ في العقيدة بالواسطية، وفي التوحيد بثلاثة الأصول، ثم بكتاب التوحيد. وكذلك في كتب الأدب يقرأ في رياض الصالحين، وما أشبهه من كتب.
س: سائل يسأل يقول: ماذا لو لم يسمع بالدعوة .. يهودي أو نصراني؟
.. من تبلغه الدعوة فإنه معذور حتى تبلغه. مَنْ لم تبلغهم الدعوة في أطراف الأرض، إذا كانوا مثلا ما سمعوا بالإسلام، فنحن نقول: إنهم عقلاء ويفهمون أنهم ما خُلِقُوا عبثا، فعليهم أن يبحثوا: لماذا خلقنا؟ مَن الذي خلقنا؟ بأي شيء أمرنا؟ ولكن إذا لم يستطيعوا أن يبحثوا عن الإسلام، ولم يبلغهم شيء عنه، أُلْحِقُوا بأهل الفترات.
هذا والله أعلم. والله أعلم وصلى الله على محمد .
-27-