عالم المرأة

الإعلامية الإماراتية نادية بوهنّاد: المرأة العربية تدخل في حالة اكتئاب بسبب الزوج

تاريخ النشر : 2009-03-11
القراءة : 6826

غزة-دنيا الوطن
بثقة بالنفس، تعكسُ ذكاءً يَظهَرُ في قوةِ شخصيتها وحضورها، دخلت عالم الإعلام بامتياز بالرغم من إصرارها على أنها دكتورة اختصاصية في علم نفس. كان نجاحها في برنامج 'سيكولوجيا' بداية مسيرتها الإعلامية في التلفزيون مع قناة دبي، بعدها قدمت في نفس القناة برنامج 'حياتُها' قبل أن تنتقل إلى الشبكة اللبنانية للإرسال 'LBC' لتقدم 'بنات حواء'. هي الدكتورة نادية بوهنّاد صاحبة المقالات الجريئة التي كان صداها يُسمَع في الخليج العربي كله. تطمح بدخول عالم الرواية، وكتابها الأول سيكون بعنوان 'راغبات'. في حوارها التالي مع 'القدس العربي'، كانت الدكتورة بوهنّاد جريئة كالعادة وتحدثت عن البرنامج الذي تطمح لتقديمه حول العلاقة العاطفية بين الرجل المرأة.

كيف بدأت مع الإعلام؟
بعد عودتي من أمريكا عام 1998، حيث درست الماجستير والدكتوراه في علم النفس التربوي وتربية الموهوبين، بدأت كتابة مقالات أكاديمية علمية في بعض جرائد الإمارات كـ'البيان' و'الاتحاد'. في جريدة 'الخليج' الاماراتية، كانت مقالاتي أسبوعية ذات توجه ثقافي وطني تُعنى بالمرأة وعلم النفس وتُغطي هموم الناس. في عام 2007، انقطعت عن كتابة المقالات لأن إحدى الجرائد التي كنت أكتب فيها خافت من الجرأة التي كنت أطرح بها المواضيع، بعد أن تحولت إلى جريدة إعلانات، فأرادوا أن يتدخلوا في عناوين المقالات ومواضيعها.
ما اسم هذه الجريدة؟
لن أقول.
مثل ماذا هذه المواضيع الجريئة؟
في إحدى المرات، كتبت مقالا اجتماعيا عاديا عن رجل كان على وشك الزواج من فتاة. قبل أسبوع من حفل الزفاف غيرت الفتاة رأيها. شرحت في مقالي الأسباب التي قد تكون وراء تراجع هذه الفتاة عن فكرة الزواج، وقلت أنها إما تريد أن تكمل تعليمها لكني لا أظن ذلك، لأني شخصياً كنت أعرف الفتاة والرجل، أو أنها تحب رجلا آخر. صراحة كنت منحازة للرجل بالرغم من أنني من مناصري المرأة، كما أن عائلة الفتاة هددتني.
هل لهذا ابتعدت عن كتابة المقالات؟
نعم، لأنني لا أحس أن هناك حرية. كنت أكتب مقالات تثير الرأي العام وتصل إلى أكثر من دولة خليجية. يبدو أن القيمين على الجريدة لم يعجبهم بأن تكون هناك مواطنة أو مواطن إمارتي يقول رأيه بحرية. لهذا، من يحاول أن يصادر أفكاري لا يمكن أن أستمر معه.
كيف بدأت في العمل التلفزيوني؟
بالنسبة للعمل التلفزيوني، حدث ذلك بالصدفة وبدون أي ترتيب. عند عودتي من أمريكا، كنت أقارن بين البرامج العربية المحلية والبرامج الأمريكية وألاحظ الفرق الكبير. فكلمت السيد نسيب البيطار، مدير برامج تلفزيون دبي في الإدارة القديمة، وقلت له أن التلفزيون ليس لديه أي برامج نسائية واجتماعية، فاقترح علي أن أعطيهم أفكاراً. كتبت له أكثر من فكرة، عندما سلمتها له سألني لماذا لا أقدم أنا البرنامج عندهم. كانت إجابتي أنه ليس لدي أي فكرة عن العمل الإعلامي، فقال لي هذه ليست مشكلة وأنه يمكنني التعلم. بالفعل حصلت على دعم كبير من الإدارة وقتها. وكان أول برنامج لي اسمه 'سيكولوجيا' كان تقريباً ثاني برنامج في الخليج بعد 'السنعوسي' ،في الكويت، حيث كنا نستضيف جمهوراً وضيوفاً. كان يشبه برنامج 'أوبرا' لكنه مباشر. أذكر انه لم يكن لدي autocue لأقرأ منه، وكنت أعد وأقدم البرنامج كاملاً، حتى لم يكن هناك من يساعدني في الماكياج، استمر عرضه لعامين من سنة 2001 إلى 2002. كان برنامجا ناجحا والحمد الله، وحصلت على دعم شخصي من عبد اللطيف القرقاوي، مدير قناة دبي الحالي، حيث قام بإخراجه بعد توقفه لمدة عشرين سنة عن الإخراج كما أعتقد. مع الادارة الجديدة أصبح البرنامج مسجلاً، كما أنهم اتصلوا بي كمختصة في علم النفس وليس كإعلامية. توقفت من نفسي بعد تقديم 13 حلقة. البرنامج الثاني مع الإدارة الجديدة كان 'حياتها'، وكنا نناقش فيه فقط قضايا المرأة.
ماذا عن تجربتك في 'بنات حواء'؟
في عام 2006 كانون الاول (ديسمبر) بدأت بتصوير حلقات pilot في لبنان، وخلال عام 2007 كنت أقدم برنامج 'بنات حواء'. كنا خمس نساء يدرن حواراً حول مواضيع اجتماعية عامة. لكني لم أرتح لفكرة البرنامج لأنها لم تناسبني.
لماذا؟
أحسست أنها أقل من المستوى المطلوب لأطرح أفكاري. أعتقد أيضاً أننا قدمنا سيناريو عادي لا هو مختلف أو فوق العادة بل أعتقد أنه كان في بعض الأحيان أقل من العادي، لهذا لم يناسبني.
لماذا بعد هذه الخبرة ابتعدت عن العمل الإعلامي؟
يمكنك أن تقول أنني أخذت راحة. فأنا لست مذيعة أبحث عن عمل أو فرصة. إذا كان هناك شيء جيد، فممكن أن أعود. في كانون الثاني (يناير) من هذا العام كنت في زيارة عمل في لبنان، والتقيت بمخرجة وشركة إنتاج عرضا علي فكرتين لبرنامجين مازلت في صدد دراستهما.
عن ماذا ستكون المواضيع؟
شيء له علاقة بالمرأة.
لماذا تكون مقاييسنا نحن العرب، البرامج الأمريكية كأوبرا مثلاً؟
أنا أرى أن تسعين بالمائة من حلقات برنامج 'أوبرا' تناسب الجميع. لكن كلامك صحيح في شيء، أنه أي امرأة، وأنا واحدة منهن، تدخل عالم الإعلام إلا وتحلم بأن تصل إلى مستوى 'أوبرا' في الطرح والطريقة والشكل. هناك من قلدها لكن لم يصل إلى مستواها ولن يستطيع في القدرة الإبداعية والفنية الإعلامية.
لماذا؟
لأنها تنفعل تلقائيا،ً فهي تبكي وتقفز، دون أن تأخذ بالحسبان أن عمرها خمسين عاما ولا يمكنها فعل ذلك. أما نحن في مجتمعنا العربي إذا قمت بأي حركة تُحاسَب عليها، هناك دائماً خوف من التلقائية تبدأ منذ الصغر. هذه الأمور لا نجدها في أمريكا والغرب. طبعاً، أنا لا أقول أنهم أحسن منا، لكنهم لا يخافون من الانتقاد. في الوظائف نجري اختبارات نفسية للمتقدمين ونسألهم بأن يتكلموا عن الأشياء الجيدة فيهم، معظمهم يجيب بأنه لا يعرف، ويقولون لنا بأن نسأل الناس عنهم، لأنهم يعتقدون أن الآخرين يعرفون عنهم أكثر من أنفسهم. أما الغربيون، الأمر عندهم عكس ذلك.
ما هي الأشياء الجيدة والسيئة فيك؟
أنا مولودة في أسبوع العباقرة، أنا لا أقول أنني عبقرية لأنني سأكون مغرورة. لكن لدي قدر من الذكاء بسببه وصلت إلى مستوى علمي بدون مساعدة أحد. أعتقد أن شخصيتي مصقولة بستين بالمائة من حياتي في الإمارات وأربعين بالمائة خلال دراستي في أمريكا، فمثلاً بعد عودتي من هناك صرت أتكلم بصورة تلقائية أكثر. عندي قوة شخصية وحضور، فليست أي امرأة تظهر على الشاشة تصبح مقدمة برامج أو إعلامية. ثقافتي أعرّفها بشكل مختلف فهي، عند الكثير من الناس، أن تقرأ في كل شيء وتفهم به، أما أنا فثقافتي في تخصصي، فأنا مثقفة جداً في علم النفس.
الأمر السيئ هو أنني عصبية. قد تسأل كيف دكتورة عصبية وتساعد الناس. أنا أساعدهم في كيفية التحكم بغضبهم وقلقهم. الأمور التي تعصبني هي المتعلقة بالعدالة والظلم وعدم الاستقامة.
ما أكثر القصص التي أثّرَتْ فيك خلال تقديمك للبرامج؟
في برنامج 'حياتها' كانت هناك حلقة عن الاكتئاب قمت قبلها ببحث عن الموضوع للتعمق فيه. عندما رأينا الحالات، اكتشفت كيف أن المرأة العربية تنتحر بشكل بطيء لأنها تدخل في حالة اكتئاب بسبب الزوج.
هل هناك شخص معين أبكاك أثناء تقدم للبرامج؟
على الهواء كلا، لكن نظرت إلى فئة 'المنغوليين' نظرة ثانية بعد أن استضفنا والدا مع أبنه المصاب بهذا الداء. اكتشفت كم هي كمية الحب عند هذه الفئة. كانت أول مرة أكتشف هذه الفئة من الأشخاص لأن تخصصي الفرعي هو تربية موهوبين.
هل كنت تتلقين اتصالات بعد البرنامج لطلب الاستشارة؟
في 'حياتها' نعم. كما كنت أكتب في 'زهرة الخليج' لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة وأجيب عن أسئلة القراء. لكن شخصياً، أنا لا أؤمن بالاستشارة على الهواء، لكي أتجنب التسرع، فيجب أن أعرف خلفية المتصل.
من هي أكثر الفئات التي كانت تطلب الاستشارة؟
فئة المراهقين وقليلا المتزوجين.
هل كنت تخافين عندما تكتبين مقالاتك؟
أنا لم أتخط الخطوط الحمراء لأخاف. كنت أتكلم وأثير حفيظة الناس في أكثر من موضوع لكن دون الإساءة لأحد. المشكلة الوحيدة التي واجهتها هي عندما كتب أحد الأشخاص مقالاً انتقد فيه الحكومة والمجتمع الإماراتي باسمي. كان ردي بمقال، أسميته 'قص ولصق وفبركة'، شرحت فيه أن هناك بعض الأشخاص استخدموا كلماتي لتشويه صورتي، واتهمت ثلاث جهات، إما أنهم أناس لا يريدون للمرأة أن تظهر، أو زملاء مقهورون من زميلتهم، أو بعض التجار الذين تضرروا من كلامي.
هل تنتقدين دائماً؟
هناك نقد وانتقاد. أنا نظرتي للأمور ناقدة.
سمعت أنك على وشك إصدار كتاب؟
نعم، هناك كتاب قادم اسمه 'راغبات'.
هل هي رواية؟
ليست رواية بل مجموعة قصص واقعية تتكلم عن رغبات المرأة الجنسية والعاطفية بالإضافة إلى قصص سمعتها من الناس. بعد كل قصة سيكون هناك تحليل نفسي بسيط لكي تكون مفهومة أكثر للقارئ. هناك أيضاً كتاب على جزأين وهو عن الصحة النفسية ورعاية الأم الحامل، الجزء الأول بعنوان 'رؤى' صدر في عام 2004 والجزء الثاني تحت الطباعة بعنوان 'اتجاهات'.
هل هناك طموح لدخول عالم الرواية؟
نعم، لأنني اكتشفت أن عندي موهبة الكتابة القصصية.
ما هو البرنامج الذي ترغبين في تقديمه؟
أحب أن أقدم برنامج شبيه ببرنامج الدكتورة 'فوزية الدريع' على قناة 'الرأي'، أناقش فيه العلاقة العاطفية بين الرجل المرأة بدون الدخول في تفاصيل العلاقة الجنسية. في الحقيقة، أنا أحس أن الرجال والنساء في عالمنا العربي لا يعرفون عن العلاقة الزوجية الحقيقية سواء في الجنس أو العاطفة. كما أحب أن أقدم برنامج دون الدخول في منافسة مع برنامج شبيه في نفس القناة. لأنني أؤمن بالمنافسة بين القنوات وليس بين البرامج في نفس القناة.
هل من الممكن أن الناس في وقتنا هذا لا يعرفون عن العلاقة الزوجية؟
نعم، ولهذا أحب أن أتطرق في برنامجي إلى العلاقة بين المرأة والرجل. فمثلاً هناك من يطلقون بعد أسبوع أو شهر، لكن هناك من يطلق بعد عشر أو عشرين سنة ويقولون أننا لم نكن مرتاحين بعلاقتنا الزوجية.
ما السبب في رأيك؟
عندما تحلل الحالة تجد أن الزواج كان تقليدياً، لم يحاول الزوج أن يكسب المرأة كزوجة، من ناحيتها تجد أنها كانت تفكر فقط في رغباته دون التفكير في رغباتها. المرأة عندما تصل إلى سن الثامنة والثلاثين تقريباً، لأنه ليس هناك قاعدة، تبدأ بالتفكير بأنها فعلت كل شيء لزوجها وعائلتها، وتسأل ماذا قدمت لنفسها. هناك فهم خاطئ عند الرجال بأن المرأة بعد الزواج لا تفكر في أحدٍ آخر. في الواقع، من الممكن أن تفكر برجل آخر ويعجبها، لكن ما يمنعها هو زواجها. كما أن بعض النساء يحببن أن يختبرن إذا كان أحد سينظر إليهن أو يثرن اهتمامه على سبيل المثال. ما أريد أن اتكلم عنه هو كيف يجب أن تكون العلاقة الصحيحة بين المرأة والرجل في البيت، لكي لا تصل الزوجة إلى مرحلة تخرج فيها من أجل لفت الأنظار.
كيف تتوقعين ردة فعل المشاهدين وأنت تطرحين هكذا مواضيع حساسة؟
في رأيي، يجب أن يعرف الناس أن هذه الأمور تحصل. لهذا، يجب أن لا نكون مثل نعامة تضع رأسها في الأرض. الهدف هو إرشاد الناس إلى كيفية توطيد العلاقة لكي لا يتجهوا إلى الخطأ.