الإيدز بين العلم والهدي النبوي
بقلم عبد الدائم الكحيل
لا يخفى على أحد الأمراض الخطيرة والتي ظهرت حديثاً كنتيجة للشذوذ الجنسي والزنا وما نتج عنها من تعاطي للمخدرات، حتى إن الأمراض الجنسية تُعتبر الأشد فتكاً والأكثر وجعاً وألماً. وقد نعجب إذا علمنا أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام حدثنا عن هذا الأمر قبل حدوثه بأربعة عشر قرناً.
يقول النبي الكريم صلّى الله عليه وسلم: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا) [رواه ابن ماجه]. وهذا الحديث يعني أن الفاحشة أي الزنا وما شابهه من شذوذ جنسي إذا ما تفشّى في قوم وانتشر وأعلنوا به، فلا بدّ أن تنتشر الأمراض التي لم تكن معروفة أو مألوفة من قبل، وهذا ما حدث فعلاً.
لقد كان من أخطر نتائج الفواحش والزنا في العصر الحديث ما يسمى بمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، كما تسببت كثرة الفواحش بالعديد من الأمراض مثل الزهري والسيلان ومرض الهربس الذي ظهر كوباء جنسي واسع الانتشار، حتى إن معدل الإصابة بهذا المرض في الولايات المتحدة بلغ أكثر من نصف مليون إصابة.
الفاحشة والإيدز
في عام (1979) ظهر لأول مرة مرض الإيدز في أمريكا وانتشر بعدها بسرعة رهيبة في معظم دول العالم. سبب انتشار هذا المرض هو الفواحش بأنواعها مثل الشذوذ الجنسي، والزنا، وتعاطي المخدرات.
تعتبر الأمراض الجنسية من أكثر الأمراض صعوبة في العلاج. كما تؤكد المراجع الطبية على أن هذه الأمراض المعدية هي الأكثر انتشاراً في العالم. فلا غرابة إذا علمنا أنه كل عام يُصاب بمرض السيلان أكثر من ربع مليار إنسان في العالم!
من الأمراض الخطيرة التي تسببها العلاقات الجنسية المحرمة مرض الهربز الذي يعد من أخطر الأمراض الجنسية نظراً لسرعة العدوى به، فهو ينتقل عن طريق الاحتكاك المباشر بالمريض واستعمال أدواته الخاصة.
وبنتيجة تفشي الفواحش والإعلان بها تفشت أمراض جديدة لم نسمع بها من قبل، مثل الورم القنبيطي المؤتف، والمليساء الرخوية السارية وغير ذلك كثير.
وصدق الله سبحانه وتعالى عندما حدثنا عن عواقب الزنا ومساوئه فقال: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء: 32]. و صدق حبيب الرحمن صلّى الله عليه وسلم عندما قال: (ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت) [رواه الطبراني]. والسؤال: لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول أشياء من عند نفسه، إذن كيف عرف بأنه ستظهر أمراض تؤدي للموت مثل الإيدز؟
شكل (1) فيروس نقص المناعة المكتسب – الإيدز. هذا الفيروس الذي لا يكاد يُرى حتى بأضخم المجاهر الإلكترونية فقطره يبلغ واحد على عشرة آلاف من الميليمتر، وعلى الرغم من صغره فقد سبب موت ملايين البشر في سنوات قليلة بسبب الفاحشة وما نتج عنها، فهل نعتبر نحن المسلمون، ونعتز بتعاليم ديننا الذي حمانا من هذا الوباء المهلك؟
إحصائيات لا بدّ من التعرف عليها
تخبرنا الأمم المتحدة بأن هنالك في العالم 14 ألف شخص يُصابون بالإيدز وذلك كل يوم!!! ونصف هذا العدد من النساء، ومن هؤلاء 2000 طفل وطفلة! ونحن نقول كل يوم، فتأمل هذه الأعداد الضخمة. إن الخسارات التي سيسببها هذا المرض في عام 2008 هي 22 بليون دولار!
لقد حصد الإيدز حتى اليوم (منذ 1980 وحتى نهاية 2005) أكثر من 27 مليون إنسان منهم رجال ونساء وأطفال، وفي عام 2005 فقط فقد أكثر من 3 ملايين شخص حياتهم، وهنالك أكثر من 40 مليون شخص يعيشون مع هذا الفيروس وسوف يموتون عاجلاً أم آجلاً.
شكل (2) يمثل نسب توزع المصابين بالإيدز اليوم (2005) في العالم تبعاً للأمم المتحدة، ونلاحظ أنه يوجد اليوم 40 مليون مصاب بالإيدز في مختلف بلدان العالم، كما نلاحظ أن العالم العربي والإسلامي شبه خال من هذا الوباء، ألا تظن معي أن الإسلام بتعاليمه فقط استطاع أن يحمي المؤمن من هذا الفيروس، حيث عجز الغرب بوسائله وأدواته وإمكاناته؟
كيف يصل الفيروس للجسم؟
إن السبب المباشر هو الاتصال الجنسي أو الشذوذ الجنسي، ويمكن أن يدخل هذا الفيروس من شخص مصاب به إلى آخر عن طريق اللعاب من خلال التقبيل، أو عن طريق الدم في الجروح في الجلد أو عن طريق الأغشية المخاطية في الأنف مثلاً. كما بينت الدراسات الجديدة أن الإيدز ينتشر من خلال دموع العين، أما البول والبراز والعرق فلا تحوي هذا الفيروس. حتى إن الأم المصابة بالفيروس سوف تنقل الإصابة إلى طفلها الرضيع من خلال الحليب.
أعراض هذا المرض
وتقول الدراسات الطبية أن الفيروس قد يبقى في الجسم 15 عاماً قبل أن يمارس هجومه. ويبدأ هذا المرض غالباً بما يشبه الأنفلونزا ثم يتطور إلى صداع وتعب شديد، وهنالك أناس لا تظهر عليهم أية أعراض للمرض، إنما يباغتهم بشكل مفاجئ. ثم يتطور المرض على شكل عقد لمفاوية.
ومعظم الأعراض تكون قبل المرض بأشهر مثل التعب والإعياء والسعال الجاف وذات الرئة والحمى والعرق المتكرر وفقدان الوزن ولطخات ملونة في الجلد أو في الأنف أو اللسان. بالإضافة إلى إسهال حاد وفقدان ذاكرة وكآبة واضطرابات عصبية متنوعة وتقرحات جلدية وشرجية.
عمل الفيروس
لدى بدء عمل الفيروس في الجسم يلاحظ أن عدد الخلايا المقاومة في الدم CD4+ Tينخفض من 1200 خلية إلى 200 خلية فقط في الميليمتر المكعب من الدم. وهذا يعني أن مقاومة الجسم لأي مرض قد انخفضت كثيراً ومن السهل أن يصاب بالعديد من الأمراض في الدماغ والأمعاء والعيون والرئتين بالإضافة إلى العديد من السرطانات.
الإيدز وتعاليم الإسلام
يؤكد العلماء اليوم بأن الجلد الصحي والسليم هو مقاوم جيد للإيدز. وهنا نتذكر تعاليم الإسلام في الوضوء خمس مرات في اليوم، والذي يعتبر أفضل صيانة مستمرة للجلد وإكسابه مقاومة لكل الأمراض حتى الإيدز!
كما أشارت الدراسات إلى أن احتمال العدوى بالإيدز تزيد كثيراً أثناء الاتصال الجنسي المخالف للطبيعة أي إتيان المرأة من دبرها، وهنا نتذكر أن الإسلام حرّم أن يأتي الرجل زوجته من دبرها.
ويقول العلماء أيضاً إن احتمال العدوى بالإيدز تزداد بوجود دم أثناء الجماع، وهنا أيضاً نتذكر الحكمة من تحريم إتيان الرجل زوجته وهي حائض. لنستمع إلى الأمر الإلهي: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222].
ويؤكد جميع الباحثين اليوم بأن أفضل طريقة للقضاء على الإيدز وتجنّبه هو إيقاف كل أنواع الاتصال الجنسي غير المشروع، وهنا نقول: أليست هذه الدعوة اليوم هي نفس ما دعى إليه الرسول الكريم قبل أربعة عشر قرناً؟!
وهنا نود أن نوجه سؤالاً لكل من لا يعجبه الإسلام: هل سبّبت لنا تعاليم الإسلام ضرراً أم أنها حافظت علينا وأبعدتنا عن هذا الوباء؟ إذن لماذا لا تتبعوا تعاليم هذا الدين الحنيف؟
الإيدز والمخدرات
يرتبط الإيدز بشكل مباشر بتعاطي المخدرات، وتشير الدراسات إلى أن الفيروس يميل لمهاجمة المدمنين على المخدرات أكثر من غيرهم بسبب نقص المناعة أساساً لديهم.
كما أن مدمن الخمر والمخدرات يكون جسده أقل مناعة ومقاومة ضد الأمراض مما يسهل على الفيروسات اقتحام أجهزة الجسم وتدميرها دون أية مقاومة تذكر. من هنا تتضح لنا الحكمة النبوية الشريفة في تحريم الخمور وكل ما يخدر الجسم من مخدرات وغيرها، ويتضح لنا صدق كلام النبي الكريم صلّى الله عليه وسلم: (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) [رواه مسلم].
كما ثبت تأثير المخدرات والخمور على الجنين، فالمرأة التي تتعاطى المخدر يدخل إلى دمها ويمتصه الجنين ويتأثر بشكل خطير وقد يتشوه خلقياً وعقلياً. وبينت الأبحاث الطبية أن تعاطي المخدرات والخمور يؤثر على الأولاد فتجدهم في الغالب مدمني مخدرات. إذن التأثير يمتد ليشمل نسل المدمن وذريته، ومن هنا نجد النهي النبوي عن المسكرات مهما كانت قليلة ليدفع الضرر عن الإنسان.
يقول النبي الرحيم صلّى الله عليه وسلم: (ما أسكر فكثيره فقليله حرام) [رواه الترمذي]. إذن ما حرمه الله والرسول هو ضرر للإنسان وما أمرنا به الله ورسوله فيه الخير والنفع الكثير. يقول عز وجل: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) [الحشر: 7] .
شكل (3) بعض النتائج التي يسببها الزنا والذي يبدأ بمجرد نظرة أو اختلاط محرم، وهي مجموعة من الأمراض أهمها الإيدز. وعندما حرّم النبي الكريم أي شيء قد يؤدي إلى هذه النتائج المميتة، إنما حفظ نفس المؤمن وحافظ على حياته سليماً، أليس الأجدر بنا أن نتبع كل ما جاء به هذا الرسول الرحيم صلى الله عليه وسلم؟
الإيدز والوشم
هل الوشم محرَّم؟ روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه لعن الواشمة والمستوشمة [رواه البخاري ]. وقد ثبت علمياً الأخطار الجسيمة التي يسببها الوشم، فالمواد المستخدمة في رسم الوشم هي مواد كيميائية سامة وتسبب الكثير من الأمراض والتلوث. كما يمكن للوشم أن يتسبب بالإصابة بالسرطان. وصدق النبي الكريم صلّى الله عليه وسلم عندما حرم هذا الوشم ولعن فاعله.
الوشم هو عملية رسم على جلد الإنسان من خلال استخدام الإبر والوخز أو من خلال استخدام ملونات ومساحيق خاصة. وقد حذر العلماء من أن هواة رسم الوشم إنما يحقنون أجسادهم بمواد كيميائية سامة. هذه المواد صنعت أساساً لأغراض صناعية مثل طلاء السيارات.
وقد أفاد أحد التقارير الحديثة عن أخطار الوشم بوجود احتمال للإصابة بمرض الإيدز بسبب العدوى، بالإضافة للإصابة بالتهاب الكبد. كما أن التلوث الناجم عن استخدام الإبر في الوشم قد يتسبب بسرطان الجلد والصدفية وإلى الكثير من حالات التسمم. من هنا تتضح لنا الحكمة النبوية الشريفة في تحريماً الوشم ولعن فاعله يقوله صلّى الله عليه وسلم: (لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة) [رواه البخاري ومسلم].
والآن سوف نتعرف إلى الوسائل النبوية لتجنب هذه الفواحش وما نتج عنها من أمراض، وأهمها تحريم الاختلاط بين الجنسين بشكل غير مشروع، وكذلك تحريم النظر إلى ما حرّم الله تعالى.
هل الاختلاط محرّم؟
لم يكتف الرسول الرحيم عليه الصلاة والسلام بتحريم الزنا، بل حرّم الأشياء التي تؤدي إلى الزنا، أي عالج المرض من جذوره. وربما يكون أول مراحل الفاحشة هو الاختلاط غير المشروع. ولذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم
لا يخلونَّ أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم) [رواه البخاري ومسلم]. في هذا النهي النبوي أسرار علمية لم تكتشف إلا حديثاً عندما كثر الاختلاط بين الرجال والنساء وبدأت نتائج هذا المرض بالظهور فوراً.
ففي المقام الأول إن الاختلاط المحرم بين الرجل والمرأة يثير في النفس الغرائز الجنسية. وعندما تتراكم التأثيرات النفسية والانفعالات التي تتولد كنتيجة لرؤية الجنس الآخر والحديث معه وفي حال عدم وجود ضوابط أخلاقية ودينية فإن النتيجة ستكون إنشاء علاقات جنسية محرمة. وكما نعلم هذه العلاقات قد تؤدي إلى أمراض خطيرة مثل الإيدز وغيره من الأمراض الجنسية.
وقد أكد العلماء أنه عندما تتحرك عواطف الإنسان باتجاه الجنس الآخر فإن مادة يتم إفرازها في جسده حيث تتحرك هذه المادة إلى الدماغ وتسبب نوعاً من التخدير الذي يعجز معه هذا الإنسان عن التفكير الصحيح فتكون قراراته تحتوي على نسبة من الخطأ.
وقد أفادت الإحصاءات أن جرائم الأحداث لها سبب مهم جداً وهو الاختلاط غير المشروع بين الجنسين. كما ثبت أن الاختلاط بين الجنسين بشكل مبالغ فيه قد سبب الكثير من الانحرافات والجرائم والمشاكل النفسية.
وقد يكون من أفظع نتائج الاختلاط جرائم الاغتصاب. ويكفي بان نعلم أن في الولايات المتحدة الأمريكية تم اغتصاب (19) مليون امرأة!! أما في ألمانيا فيتم تسجيل (35) ألف جريمة اغتصاب كل عام!
وفي أمريكا يولد كل عام مليون طفل من جرائم الزنا والاغتصاب، وبالمقابل تتم عمليات إجهاض عددها يفوق المليون عملية وذلك كل سنة. وهنالك الكثير من النتائج السيئة على كلا الجنسين من جراء إباحة اختلاطهما بصورة غير مشروعة تثير الغرائز والعواطف وتغوص بالإنسان إلى مستنقعات الرذيلة.
لذلك فقد جاء الهدي النبوي الشريف قبل أربعة عشر قرناً ليحرم خلوة الرجل بالمرأة، فيقول: (لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) [رواه أحمد ]. وعندما حرَّم النبي الكريم الخلوة والاختلاط إنما قضى على الإيدز ومشتقاته من أمراض مميتة نهائياً!
لماذا حرم الإسلام تبرج المرأة؟
هنالك أمر آخر يؤدي إلى الزنا ويحرض عليه، ألا وهو تبرج المرأة وعرض مفاتنها مما يثير شهوة الرجل. ولذلك فقد حرّم الرسول الكريم التبرج ونها عنه حتى إنه اعتبر أن المرأة المتبرجة لا تشم رائحة الجنة! يقول النبي الكريم صلّى الله عليه وسلم عن علامات يوم القيامة: (ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) [رواه مسلم].
يمثل هذا الحديث الشريف معجزة علمية أيضاً. فقد كشفت آخر الأبحاث المتعلقة بسرطان الجلد أن المرأة التي تكشف أجزاءً من جسدها تتعرض للإصابة بالسرطان بنسبة كبيرة. وقد نشرت العديد من الصحف الطبية أبحاثاً حول هذا الأمر. فقد جاء في المجلة الطبية البريطانية أن السرطان الخبيث والذي كان نادر الوجود أصبح اليوم في تزايد مستمر، وتكثر الإصابة بهذا المرض الخبيث عند الفتيات المتبرجات اللواتي يكشفن معظم أجزاء جسدهن.
كما بينت البحوث الطبية المتعلقة بهذا المرض أنه يبدأ كبقعة سوداء صغيرة على الجلد ثم يتطور ويكبر وينتشر في كل اتجاه ويهاجم العقد اللمفاوية في أعلى الفخذ ثم يقفز ويستقر في الكبد أو يستقر في مختلف أعضاء وأجهزة الجسم.
هذا المرض ينتقل إلى الجنين في بطن أمه، ومن أخطار هذا المرض أنه لا يستجيب للعلاج بالأشعة مثل بقية أنواع السرطانات، ولا يمكن علاجه بالجراحة. ولذلك فقد جاء النهي النبوي عن التبرج وإظهار الجسد قبل ألف وأربع مئة سنة، أليس هذا إعجازاً نبوياً واضحاً؟
وماذا عن مصافحة الرجال للنساء؟
ومن رحمة النبي الكريم بأمته أنه لم يترك أي مجال للزنا مهما كان ضئيلاً إلا ونهى عنه، بل وعالجه. لذلك فقد حرم على الرجل أن يمسّ يد امرأة من غير محارمه. ورُوي عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال: (إني لا أصافح النساء) [رواه الإمام مالك].
وقد ثبت علمياً أن سطح الجلد عند الإنسان يحتوي على ملايين الخلايا التي تنقل الأحاسيس إلى الدماغ، فإذا لامست يد الرجل يد المرأة بدأت الإشارات الناتجة عن الملامسة تسري باتجاه الدماغ حيث يقوم بتحليلها وربطها مع صاحب أو صاحبة اليد. وعندما تتكرر هذه العملية فإن الدماغ يختزن هذه المعلومات بشكل يحرك عاطفة الرجل أو المرأة مما يترك تأثيراً وانفعالات نفسية تبقى مختزنة لفترات طويلة.
إن الانفعالات النفسية المتعلقة بمصافحة النساء للرجال وبالعكس قد تتطور وتثير الغرائز الكامنة لدى الجنسين مما يدفع لمزيد من الانفعالات العاطفية والتي قد تكون سبباً في تطور العلاقة بين الجنسين مما يؤدي إلى الوقوع في الفاحشة. وعلى أقل تقدير قد تسبب المصافحة المتكررة بين الرجل والمرأة والاختلاط المتكرر بينهما إلى تشويش الذهن وتأثر عملية اتخاذ القرارات عند الطرفين.
والإسلام يريد من المؤمن أن يكون صافي الذهن وفي حالة مستقرة ومطمئن القلب، لذلك نجد الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم يرقى بالمؤمن إلى درجات عالية من النقاء والطهارة والعفاف، حتى على مستوى النظرة لم ينسها رسول الله صلى الله عليه وسلم..
إن النظر إلى المرأة بشكل متعمد قد حرمه الإسلام أيضاً. وربما نتذكر نصيحة الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم لعليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه عندما قال له: (يا عليُّ لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة) [رواه الترمذي].
لذلك تعتبر النظرة إلى المرأة إذا تكررت وسيلة فعالة لإثارة شهوات الرجل. والإسلام حريص على المؤمن كل الحرص ألا يقع فيما حرم الله تعالى. لأن النظرة هي سهم من سهام إبليس.
وهكذا نجد التعاليم النبوية تبعد المؤمن عن أية شبهات أو أي احتمال لوقوع الخطأ وتجاوز الحدود التي حددها الله لعباده. ونجد دائماً العلماء يكتشفون صدق قول النبي صلّى الله عليه وسلم، وكم يمكن علاج أمراض ومشاكل خطيرة بمجرد غض البصر وحفظ الفرج وقول الكلمة الطيبة. ولا نجد في ختام هذا البحث أفضل من كلام الله تعالى مخاطباً كل مؤمن:
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)
المراجع
1- القرآن الكريم والسنّة النبوية العطرة.
2- مجموعة أبحاث للدكتور زغلول النجار والشيخ عبد المجيد الزنداني.
3- مجموعة من الأبحاث حول الإيدز: