العقوق و فضــــــــــل البـــــــــر و البِرُّ سبب دخول الجنة $$$$$
بسم الله الرحمن الرحيم
العقوق
من أكـبر الكبائر ففى الصحيحين من حديث أبى بكرة أن النبى قال: ((ألا أُنَبِّئُكم بأكبر الكبائر ( ثلاثاً ))) قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، ألا وشهادة الزور، أو قول الزور)) – وكان متكئاً فجلس – فمازال يكررها حتى قلنا: ليته سكت([1])
وفـى الصحيحين من حديث عبد الله بن عمـرو بن العاص رضى الله عنهما أن النبى قال: ((إن من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه)) فقال الصحابة: وهل يشتم الرجل والديه؟ فقـال المصطفى: ((نعم يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه ))([2]).
انظر إلى هذا السؤال الإنكارى من الصحابة رضوان الله عليهم ،وهل يشتم الرجل والديه لا أن يقتل والديه؟ لا يتصور الصحابة فى مجتمع الطهر مجرد أن يشتم الرجـل والديه، فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم: أن يشتم رجل بأبيه فيرد هذا الرجل على الشاتم بأن يشتم أباه، وبهذا يكون الرجـل سب أباه بطريق غير مباشر، وهذا الفعل من أكبر الكبائر والعياذ بالله
العقوق سبب من أسباب الحرمان من الجنـة والطرد من رحمة الله التى وسعت كل شىء، ففى الحديث الذى رواه النسائى و البزار بسند جيد وحسنه الألبانى، ورواه الحاكم فى المستدرك، وصححه على شرط الشيخين البخارى ومسلم من حديث عمر أن النـبى قال: ((ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة)) قيل: من هم يا رسول الله ؟! قال: ((العاق لوالديه، والمرأة المترجلة([3])، والديوث([4])))([5]).
تدبر قول الرسـول صلى الله عليه وسلم : ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة)) خابوا وخسروا والله هؤلاء هم الذين طردوا من رحمة الرحمن، التى وسعت كل شىء، وأول المطرودين: العاق لوالديه.
يا من منَّ الله عليكم الآن بنعمة الآباء والأمهات، وأنتم لا تدركون قدر هذه النعمة، ولن تشعروا بها إلا إذا فقدتم الوالدين، أسأل الله أن يبارك فى أعمار أبائنا وأمهاتنا ،وأن يختم لنا ولهم بصالح الأعمال إنه على كل شىء قدير.
العقوق لا ينفع معه أى عمل، سواء صـلاة أو زكاة أو حجاً أو صياماً، ففي الحديث الذى رواه الإمام الطـبرانى وابن أبى عاصم فى كتـاب السنة بسند حسن، وحَسَّنَ الحديث الشيخ الألبانى فى السلسلة الصحيحة من حديث أبى أمامة أن النبى قال: ((ثلاثة لا يقبل الله منهم صرفاً([6]) ولا عـدلاً: العاق لوالديه والمنان والمكذب بالقدر ))([7]).
وقبل ختام هذا الموضوع أقول: إن العقوق دين لا بد من قضائه فى الدنيا قبل الآخـرة، فكما تدين تدان، فإن بذلت البر لوالديك سَخَّرَ الله أبناءك لـبرك، وإن عققت والديك سَلَّط الله أبناءك لعقوقك، ستجنى ثمرة العقوق في الدنيا قبل الآخـرة، ففى الحديث الذى رواه الطـبرانى والبخارى فى التاريخ وصححه الألباني من حديث أبي بكرة أن النبى قال: ((اثنان يعجلهما الله فى الدنيا: البغى وعقوق الوالدين ))([8]).
تدبر معى والدى الكريم وأخى الحبيب: هذا ابن عاق يعيش معه والده فى بيته فكبر الوالد، و انحنى ظهره، وسال لعابه، واختلت أعصابه، فاشمأزت منه زوجة الابن، - وكم من الأبنـاء يرضون الزوجـات على حساب طاعة الأمهات والآباء - فطـرد الولد أباه من البيت، فَرَقَّ طفلٌ صغير من أبنائه لجده فقال له: لماذا تطرد جدنا من بيتنا يا أبى، فقال: حتى لا تتأففون منه، فبكى الطفل لجده وقال: حسناً يا أبتي ،وسوف نصنع بك هذا غداً إن شاء الله!! العقوق دَين لابد من قضائه. وهذا ابن آخر يصفع والده على وجهه، فيبكى الوالد ويرتفع بكاءه، فيتألم الناس لبكاء هذا الشيخ الكبير، وينقض مجموعة من الناس على هـذا الابن العاق ليضربوه، فيشير إليهم الوالد ويقول لهم: دعوه. ثم بكى وقال: والله منذ عشرين سنة، وفى نفس هذا المكان صفعت أبى على وجهه !! العقوق دَين لابد من قضائه. وهـذا ابن ثالث عاق يجـر أباه من رجليه ليطرده خارج بيته، وما إن وصل الولـد بأبيه وهو يجره حتى الباب ،وإذا بالوالـد يبكى ويقول لولده: كفى يا بنى، كفى يا بنى إلى الباب فقط، فقال: لا بل إلى الشارع، قال: والله ما جررت أبى من رجليه إلا إلى الباب فقط !! كما تدين تدان.
أيها الأخ الحبيب اذهب اليوم إلى أبيك فقبل يديه وقدميه، وارجع اليوم إلى أمك فقبل يديها وقدميها فثم الجنـة،
ما أشقاها والله من حياة: حياة العقوق
فضــــــــــل البـــــــــر.
اخي الحبيب اختي الكريمه. . يكفـى أن نعلم أن الله جل وعـلا قد قـرن بر الوالدين والإحسان إليهما بتوحيده قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [ الإسراء: 23 ]
وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ، وقال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [ البقرة: 83 ].
قال ابن عباس ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاثة، لا يقبل الله واحدة بدون قرينتها.
أما الأولى فهى قوله تعالى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [ محمد: 33 ].
فمن أطاع الله ولم يطع الرسول فلن يقبل منه.
وأما الثانية فهى قول الله: وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ [ البقرة: 43 ].
فمن أقام الصـلاة وضيع الزكاة لن يقبل منه.
وأما الثالثة فهى قول الله تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ [ لقمان: 14 ]. فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لن يقبل منه.
حياة البر ما أروعها من حياة، إنها حياة السعادة والطمأنينة، إنها حياة الأمن والأمان، يالها من لذة !! فيها ستشعر بانشراح الصدر، ستشعر بالسعادة فى كل الخطى، بل سيوسع الله عليك رزقك، بل سيبارك الله لك فى عمرك، فى حياة بر الوالدين.
البِرُّ سبب دخول الجنة:
فى الحديث الذى رواه مسلم من حديث أبى هريرة ، قال الرسول : ((رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه)) قيل من يا رسول الله؟ قال المصطفى: ((من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة ))([9]).
الرسول يقول: رغم أنفه ثلاثاً: أى ذل وهان وتعرض للخيبة و الخذلان من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما،ثم لم يكونا سبباً فى دخوله الجنة.
إياك أن تضيع هذا الخير، يا من منَّ الله عليك به الآن.
بر الوالدين من أعظم القربات إلى رب الأرض والسماوات.
ففـى الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود قال: سألت النـبى فقلت يا رسول الله: أى العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: ((الصـلاة على وقتهـا)) قال: ثم أى؟ قال: ((ثم بــر الوالدين)) قال: ثم أى؟ قال: ((الجهاد فى سبيل الله))([10]).
وفى الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر قال رجل للنبى :
أُجاهد؟ قال: ((لك أبوان؟)) قال: نعم. قال: ((ففيهما فجاهد))([11]).
وفى رواية مسلم أن رجـلاً جاء للنبى فقال: يا رسول الله جئت أبيايعك على الهجرة والجهاد فقال له المصطفى: ((هل من والديك أحدٌ حى؟)) قال: نعم، بل كلاهما. قال: ((فتبتغى الأجـر من الله؟)) قال: نعم. قال: ((فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما))([12]).
معلوم أن بر الأم مقدم على بر الأب ففى الصحيحين من حديث أبى هريرة جاء رجل إلى رسول الله فقال: ((مَنْ أحق الناس بحسن صحابتى؟ قال: ((أمك)) قال: ثم من؟ قال: ((أمك)) قال: ثم من؟ قال: ((أمك)). قال: ثم من؟ قال: ((أبوك ))([14]).
وهذا الحديث الذى رواه البيهقي ورواه ابن ماجة وحسنه الشيخ الألبانـى فى السلسلة الصحيحة من حديث معاوية بن جاهمة، أن جاهمة عندما جاء إلى النبى فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو – أى فى سبيل الله وقد جئت أستشيرك، فقال: ((هل لك أم؟)) قال: نعم. قال: ((فالزمها، فإن الجنة عند رجلها))([15])
وقد يتحسر الآن أباؤنا وأحبابنا ممن حرموا من نعمة الوالدين لذا أسوق إليهم حديثاً ربما وجدوا فيه العزاء: ففى سنده على بن عبيد الساعدى، لم يوثقه إلا ابن حـبان وبقية رجال السند ثقات عن أبى أسيد مالك بن ربيعة الساعدى قال: بينا نحن جلوس عند رسول الله إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله هل بقى علىَّ من بر أبوي شىء أبرهما بعد موتهما؟ فقال: ((نعم الصلاة عليهما- أى الدعاء لهما والترحم عليهما، والاستغفار لهما- وانفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التى لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما))([16])
فيجب علينا أن ندعو لأبائنـا ونستغفر لهما ونحـج عنهما ونتضرع إلى الله بالدعـاء لهما فنقول: ربى ارحمهما كما ربيانى صغـيرا.
فلقد كان السلف رضـوان الله عليهم إذا ماتت أم أحدهم بكى وقال: ولم لا أبكي وقد أغلق اليوم علىَّ باب من أبواب الجنة.