الفرق بين القاعدة والنظرية الفقهية
يرى بعض الباحثين أن النظرية الفقهية مرادفة للقاعدة الفقهية كالأستاذ محمد أبي زهرة حيث قال: (إنه يجب التفريق بين علم أصول الفقه وبين القواعد الجامعة للأحكام الجزئية، وهي التي مضمونها يصح أن يطلق عليه النظريات العامة للفقه الإسلامي... كقواعد الملكية في الشريعة، وكقواعد الخيارات) .
والحقيقة أن النظرية الفقهية غير القاعدة الفقهية، فالقاعدة الفقهية كما أسلفت حكم شرعي مستنبط من دليل شرعي، (أما النظرية الفقهية فليست حكما مستنبطا، وإنما هي دراسة ينتهي فيها الفقيه إلى الجمع بين جملة من الموضوعات والأحكام والبحوث الفقهية التي تكون مجموعها فكرة واحدة متكاملة الأجزاء ... فالقاعدة حكم شرعي، والنظرية دراسة وبحث وتجميع) . كما أن النظرية تقوم على أركان وشروط ومقومات أساسية، وكثيرا ما تخلو من بيان الأحكام الفقهية، أما القواعد فلا يوجد لها أركان وشروط، وتنطوي على عدد كبير من الأحكام الفقهية والفروع المسائل.
مثال القواعد الفقهية: (العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني)، التي تفسر صيغة العقد وموضوعه لتحديد الآثار المترتبة عليه، ومثال النظريات الفقهية: (نظرية العقد) التي تتناول جميع العقود الشرعية في مختلف أحكامها وأطرافها من التعريف والأركان والشروط والآثار، وموقع العقد بين مصادر الالتزام الأخرى.
والخلاصة أن القواعد واسطة بين الفروع والأصول، أو هي واسطة بين الأحكام والنظريات .
الفرق بين القاعدة الفقهية والقاعدة الأصولية
بالنظر إلى حقيقة علم أصول الفقه، وعلم الفقه، وعلم القواعد الفقهية، نجد أن الأحكام الفقهية مستنبطة من الأدلة الشرعية باستخدام قواعد أصول الفقه.
فمثلا: تحريم الزنا مستنبط من قوله تعالى : (ولا تقربوا الزنى) [الإسراء 32] بالقاعدة الأصولية (النهي يفيد التحريم ما لم تصرفه قرينة).
فإذا ما تكونت الأحكام الفقهية المتعددة، المستنبطة من أدلة الشرع عن طريق استخدام القواعد الأصولية احتاج الفقيه إلى ضبط شتات هذه الأحكام الكثيرة وربط شاردها، وهنا تكمن وظيفة القواعد الفقهية التي ينتظم تحت كل قاعدة منها أحكام شرعية كثيرة ومن أبواب متفرقة لوجود علة مشتركة بينها.
مثلا: قاعدة (الضرر يزال) يندرج تحتها الكثير من مسائل الفقه، ومن ذلك: الرد بالعيب، وأنواع الخيار، والتعزير، وإفلاس المشتري، وحتى الرد بالعيب في باب النكاح يندرج تحت هذه القاعدة، لرفع الضرر عمن غرر به من الزوجين، وإقامة الحدود إنما شرعت حماية للحرمات، وحفاظا عليها ودفعا للضرر عنها، وغير ذلك من مسائل الفقه.
ويمكن تلخيص الفرق بين القاعدة الفقهية والأًصولية في النقاط الآتية:
أ- علم أصول الفقه يندرج تحته جملة من الأدلة الإجمالية التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها. أما علم القواعد الفقهية فهو مجموعة من الأحكام الفقهية المتشابهة التي ترجع إلى حديث نبوي يجمعها أو إلى ضابط فقهي ينظمها، أو إلى قياس واحد يربطها.
ب- القواعد الأصولية ناشئة في أغلبها من الألفاظ العربية-كما قال القرافي في الفروق - أما القواعد الفقهية فناشئة عن الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية.
ج- القواعد الأصولية مطردة لا يكاد يكون فيها استثناء، أما قواعد الفقه فتكثر فيها الاستثناءات، بل لا يكاد يخلو كثير منها من ذلك، لذلك لم يجز كثير من العلماء الفتوى بمقتضاها .
د- القواعد الأصولية تسبق الأحكام الفقهية، وأما القواعد الفقهية فهي لاحقة وتابعة لوجود الفقه وأحكامه وفروعه.